جاءت زيارة أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط للبنان فارغة من أي مسؤولية مباشرة لفقدان دول الجامعة للقوّة المطلوبة والنفوذ الذي يجعل من دور الأمين العام للجامعة مؤثراً بدلاً من دور خجول يستمزج فيه الآراء ويطّلع فيه على الأحوال المريضة ويودي رسائل ويأخذ رسائل كساعي بريد عربي لا أكثر بل وفي أحايين كثيرة هو أقلّ من ساعي بريد .


تنقل أبو الغيط بين المسؤولين اللبنانيين على خلفية الإستحقاق الرئاسي المرّ دون أن يصل إلى خاتمة مقبولة تصحح خلل العلاقة العالقة بين أرباب الطوائف وإنقسامهم المحوري حول هوية الرئيس الجديد .


هذا التنقل العربي الفاقد للدور المنقذ في البيئة والمحيط العربي وخاصة في دول النزاعات والحروب من ليبيا إلى اليمن والعراق وسورية ولبنان يؤسس لمرحلة طويلة من فقدان العرب للسيطرة على بلدانهم وترك الباب العربي مفتوحاً على مصرعيه أمام أيّ أعجمي وأمام النزعة الخلافية العربية – العربية التي تتغذى من أثداء خارجية لإبقاء النزاع سيّد الموقف لأنّه ينزع نحو حروب وفوضى وعدم إستقرار وخراب ودمار ودماء لا تنتهي .


بقدر ما ينتشر الوسخ السياسي العربي من المحيط إلى الخليج بقدر ما يعجز أمين عام الجامعة العربية  من أن يكون كنّاساً للغائط اللبناني والفلسطيني واليمني والعراقي والسوري والليبي والتونسي والليبي والسوداني والجزائري والبحراني ويكاد ان يلامس الوسخ كل الدول دون إستثناء .


إن أمّة عربية في حدود دورها التاريخي وتراثها ونفوذها وتجربتها وجيوشها وثرواتها الهائلة عجزت في الماضي ومازالت على عجزها أمام العدو الإسرائيلي وهي عاجزة عن حماية أمنها أمام إيران التي تبرزعلى حساب الغياب العربي وما الغنيّة العربية من الهجمة الفارسية إلاّ دلالة واضحة وفاضحة للراهن العربي المأخوذ بسياسة ظلمني الإيراني دون أن يبتدع سياسة تنهي من فصول هذه الأغنية الممجوجة .


إن كثرت الحروب العربية – العربية القائمة في كل قطر عربي سواء الخاضعة لحسابات السلطة والأجندات الداخلية أو لحساب الأجندات الخارجية وخاصة تلك التي تلبي طموحات دول طامحة وطامعة بالثروات العربية والأراضي العربية تذوي من الشأن العربي وتجعل منه هشّاً في أيّ حقل أو محفل وهذا ما كرّس تفوقاً مركزياً أوسطياً لكل من تركيا وإيران والكيان الإسرائيلي تستجديه الدول العربية وتصطف خلفه لحماية نماذجها السلطوية من السقوط .


لم تكن زيارة أحمد أبو الغيط دفعاً للمأزق اللبناني الواقف وسط النفق العربي لعدم قدرته على إجراء عملية الدفع المطلوب لتحريك العجلة المعطوبة  ولأن القدرة متوفرة في إميركا وإيران وباقي القدرات مجرد عناصر مساعدة أو انها من قبيل الإستهلاك السياسي .