أعجب من لغةٍ لا تقدِّر ذاتها ولا تستحي من نفسها وهي تظهر مفاتنها أمام الباعة والعامة والخاصة وتجار العملات الرخيصة، ومتعهدي أزمات وقاتلي الحجر والبشر، وتحاول أن تغري المسنين بإحدى مصطلحاتها الشفافة، لعلَّ وعسى، إنها لغة "الضاد" في يوم عيدها العالمي، هل غادرتنا أم غدرناها وغادرناها؟. وهي مكشوفة الوجه والجذر واليدين، وما زالت فيها تضاريس آمنة وغير محفَّرة بأزاميل النحَّاتين في سلطةٍ لبنانية "طزَّية" التي لا توجد في كل قواميس الأرض كلمة أخرى تدل على الإستهانة بقوانين الواقع اللبناني، مثل تلك الكلمة المبدعة والجذابة الخلابة "طز". هي "طزية" السلطة اللبنانية بكل معتمر قماشٍ من أقمشتها القديمة والجديدة، بمسنِّيها وشيوخها وكهنتها، أم بشبابها وصغارها، فكل الطرقات الطائفية والمذهبية تؤدِّي إليها وتودي بها، فكل الشوارع الداخلية توصلك إلى بيتها أو إلى بابٍ من أبوابها أو نافذة من نوافذها المشرَّعة. هي "طز" لا نريد أن نستعيد أصل الكلمة وجذرها، ولا نتكلم عن مصطلحاتها لكل أمة وبلد، بل هي مجردة وليست موجهة لأحد، على الإطلاق، بل في حقيقتها وذاتها وماهيتها وجوهرها، هي "طز في كل شي" هي نفسها "طز القديمة قبل الاستقلال" وهي ذاتها "طز بعد الاستقلال" نعم، "طز" في كل شيْ ما عدا الكادحين والمجاهدين وتلك الطبقة العاملة في هذا البلد، التي تأكل من حرِّ مالها وكدها وتعبها، لا تلك الطبقة التي تعتاش على عرق الكادحين والفلاحين والأساتذة والمهنيين والدكاترة، ولا أولئك الذين وصلوا إلى السلطة وطزطزوا على البلد والشعب، واحتفظوا بعدد كبير من الطزات، لينالوا بها كل تلك الوعود التي وعدوها لهذا البلد ولإنسانه، إنه المسؤول والنائب والمختار ورئيس البلدية والرئيس وصاحب النيافة والسعادة. فهذه الكلمة المبدعة في المصطلح اللبناني لا أدري جمعها مع المعذرة من علماء اللغة "طزاطيز ولربما طزَّاز" وهذا ما يقودنا إلى جدية البحث عن معنى كلمة لذاك "المسؤول" الذي يستهين بواقعنا المرير والعيش اللئيم، استهانة لئيمة وشديدة، لذلك قد يكون من المناسب أن يُطلق على كل مسؤول أو جهة في هذا البلد "طزَّاز" وهو الشخص الذي يصل للمسؤولية ثم يطزز ويقول "طز" لكل ما اتفق عليه بين أبناء المجتمع في هذا الوطن.