من يستمع الليلة إلى جبران باسيل على قناة lbc، مع الإعلامي ماريو عبود، قد يتفاجئ بمدى الثقة والجرأة حتى حدود الوقاحة، التي يتحدث بها هذا الوزير السابق الفاسد بشهادة وزارة الخزانة الأميركية، لا يُوارب باسيل في تقديم نفسه اللاعب الأساسي في الملعب السياسي اللبناني، وأن لا أمور تُحسم، ولا مؤسسات دستورية تقوم دون موافقته، ولا بلد تنتظم قوانينه وشؤونه بدون التيار الوطني الحر، وشخص رئيسه جبران باسيل، وإذا كان البلد يُعاني من أزماتٍ مُستعصية، كتعثّر إنتخاب رئيس جمهورية جديد، والجدال الدستوري حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها نجيب ميقاتي، إنّما هي مُتعثرة في نظر باسيل بسبب الخلل القائم حالياً بين حزب الله والتيار الوطني الحر، مع احتفاظ باسيل دائماً بورقة فائض القوة التي يمثلها حزب الله، لذا يُصرّ باسيل على بقاء تفاهمه مع الحزب، مع دعوته له بضرورة تصحيح الخلل القائم حالياً، والتسليم بتأكيد الشراكة الكاملة بين الطرفين، حتى يمكن إنتخاب رئيس جمهورية يكون قادراً على حماية المقاومة، وبالتالي حماية هذا البلد "المنكوب" الذي إسمه لبنان.


بالعودة إلى أصل العلّة المخفية في هذا البلد، هذه العلّة إسمها فائض القوة عند حزب الله، وفائض القوة هذه اكتسبها الحزب منذ أن تنازلت الدولة الشرعية عن سيادتها على أراضيها أوائل تسعينيات القرن الماضي عند تطبيق اتفاق الطائف، و"لزّمت" تحرير الأرض المحتلة لحزبٍ مُسلح، وتفاقمت المشكلة بعد تحرير الأرض عام ٢٠٠٠، مع إصرار الحزب على الإحتفاظ بسلاحه وقدراته العسكرية لاستكمال تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ممّا تسبب فيما بعد بحرب تموز عام ٢٠٠٦ وتداعياتها المأساوية، ومن ثمّ اجتياح بيروت عام ٢٠٠٨، والإنخراط الواسع في الحرب الدائرة في سوريا، ممّا راكم فائض القوة،  وفاقم مشاكل الدولة اللبنانية الشرعية وساهم في ضعفها وانحلالها، وأكمل حزب الله فضائله على اللبنانيين بفرض انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية عام ٢٠١٦، وانهيار البلد على كافة الصُعد، ووقوف السيد حسن نصرالله بحزم ٍفي وجه انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩.


جبران باسيل لا يجرؤ على الإستخفاف بعقول اللبنانيين والاستهزاء بهم، وتصوير نفسه كمُنقذٍ وحيدٍ للبلاد، وأن لا مفرّ من النزول عند إرادته واختياره لرئيس الجمهورية الجديد، بدون فائض القوة التي يستمدها من حزب الله، وقالها الليلة بصريح العبارة، لا لسليمان فرنجية، ولا لقائد الجيش الجنرال عون، وقد لا يبقى في الميدان سوى جبران، ومن يستطيع حماية ظهر المقاومة بغياب هذا الحليف المخلص المتفاني؟!