لم تكن مباراة أسبانيا – المغرب إستدعاءًا لتاريخ البلدين كما هي مباراة أميركا – إيران المستدعية لأزمة البلدين في حين أن اللاعبين الإيرانيين ليسوا من حرس العداء لأميركا بقدر ما هم على عداء مع حرس النظام الإيراني وما رسالة النشيد الواضحة الدلالة إلا توكيداً لهذا العداء كما ان هدية إدارة الفريق الإيراني لإدارة الفريق الأميركي رسالة ثانية ولها مفعول الأولى .


إلاّ أن مباراة المغرب – اسبانيا والتي فاز بها الفريق المغربي قد تجاوزت حدود اللعبة بقدر ما هي نتيجة لحوكمة عربية محتاجة إلى إنتصار أو إلى حيازة ناشطة كي تتمكن الجماهير العربية من إستباق الأنظمة النائمة في مهاجع السلطة إلى ما يشبة الصحوة أو المبادرة لبداية جديدة لتاريخ يكتب بالعربية مشروع يقظة الأمّة .


رغم التفاعل مع العربية السعودية في نتيجة منتخبها مع الأرجنتين إلاّ الإحباط عاد مع هزيمة الفريق وخروجه من التصفيات للجماهير التي صفقت من المحيط إلى الخليج وبدا موسم الربيع العربي الكروي مجرد إحتمال خائب وباهظ الثمن وهذا ما دفع مشجعي لعبة كرة القدم إلى التوزع على فرقهم الأوروبية دون الإلتفات مجدداً إلى الخيار العربي طالما أنه مجرد حلم هو الآخر حتى في لعبة المهارة العقلية والبدنية.


جاء فوز المغرب على اسبانيا كردة الروح إلى جسم ميت فكانت الفرحة عربية والضحكة المغربية سمفونية سائحة وسابحة في سماء الأمّة من المحيط إلى الخليج ومن طنجة إلى جاكرتا وحدهم روّاد المساجد السياسية صكوا وجوههم وخاصة أولئك الكافرين بالعروبة ومن فتنتهم أعجمية اللسان .


كانت صيحة الفوز في قطر مدوية في كل قطر عربي وهذا ما يشير بشكل واضح إلى حاجة الجمع العربي ولو على كرة حتى لا تبقى الأمّة العربية مهمشة وضائعة بين أنظمة همها علفها وقد زاد من وهنها تفرقها وكثرة خلافاتها وضياع وحدتها .


 يبدو أن اللاعب العربي والمغربي تحديداً قد سبق اللاعب العربي السياسي المنكسر والمهزوم سواء كان من أهل السلطة أو من جماعة المعارضة طالما أن المشترك بينهم هو الهزائم والهزائم هنا ليست ضدّ الأعداء بقدر ما هي هزائم داخلية من حقوق الإنسان إلى المشاركة السياسية إلى الدولة المدنية وجعل التنمية أولوية بدلاً من إعتماد مصادرة حرية المواطن أولوية .


حتى فلسطين المنسية أعادت لها كرة الفوز المغربية بعضاً من الكرامة العربية وهذا ما جعلها أولوية في الملعب وفي القلب وفي الهوية وقضية منفلتة من عقال الباعة والمشترين من سماسرة الأقربين والأبعدين ومن اللاعبين فيها حرباً أو سلماً طمعاً بمكسب أو بمنصب أو بثروة أو بمصلحة أو لأي سبب مجهول كان أو معلوم رغم أن الأسباب كلها واضحة سواء للقابضين على جمرها أو على بيضها .
شكراً لفريق المغرب الذي جعل العرب منتصرين في زمن ترسيم الهزائم .