كأننا والأمس واليوم نتفاجأ، وفوجئنا بالوحوش (الضارياتي) التي خرجت وتخرج من أجسادنا الطيبة، ومن قلوبنا اللينة، ومن جوارحنا غير الجارحة، ومن نفوسنا البريئة، ومن أيدينا النظيفة، ومن عيوننا الدامعة.... وكأنَّ دولتنا تملك نوادٍ ليلية وملاهٍ بهلوانية تدخلنا فيها كلما يحلو لها متعة الدخول عند بدء المعركة ولذة إدخال المكاسب والمناصب إلى ربَّات البيوت... حينها وجدنا أنفسنا ومصيرنا في بيوت المرايا والزجاج والأوهام، نحن اليوم بالحجم الطبيعي لهذه الدولة ولكياناتها المثقلة بالخسائر التي كان أهمها فقدان الوطن وتحوُّل الدولة من مزرعة لطائفة، بل لحركة الطوائف في شوارعه الضيقة والمكتظة بالمخالفين وبسماسرة السوق السياسي الذين حوَّلوا كل شيء إلى تجارة تكسبهم ثروات لم تشهدها قوافل الحجيج إلى مكة. اليوم خرجت الدولة بكل أربابها ومعاطفها كلما اشتد مطر شتاء الطوائف إلى العلن، لتعلن البحث عن مستقبلٍ بعد ضعفها وضياعها وفقدان الهوية الوطنية أمراء ـ الخليفة ـ الطائفة ـ وبقيت الرعية دون الراعي مصل الثروات والثورة حتى كبرت طائفة لبنان المحرومة، وكبرت وكثرت باعتها المتجولون في زوايا البلد والقرية والشارع ـ والزاروب ـ هل هناك من يسمع؟؟. هل هناك من يقرأ تاريخ الطوائف في هذا البلد، بل في العالم؟؟؟. ماذا فعلت تلك الفاشية اللعينة العقيمة إسمها طوائف وطائفة!!. عندما نرى بريق لمعان سيف الطائفة يلمع للدفاع عنها، فإن الطائفة سحرٌ فرعوني قاتل، قتل وما زال يقتل في سعادتنا جميعاً كمواطنين في بلد تجمعنا أرض واحدة، دون الأرباب والقذاذفة الذين ما زالوا يرسمون لنا الدساتير والأنظمة والقوانين منذ ما يسمى بالاستقلال وإلى يومنا ـ من أنَّ لبنان دولة جمهورية ديمقراطية برلمانية ـ نتذكر المقبور القذافي في ابداعاته للبحث عن شكل الدولة واسمها، لم يجد إلا الجماهيرية!!!. نعم، إنها الجماهيرية التي تجتمع فيها مجموعة من أوهام وأفكار خيالية عما سموه حكم الجماهير... المشكلة يا جماهير لبنان ليست بالإسم، بل المشكلة من طموحات الطوائف الرخيصة إلى وطنٍ قائم على التنوع الحقيقي والديمقراطية الصحيحة التي تحمي حقوق الجميع، لا إلى إظهار بسمة من هنا وضحكة من هناك، لربما فيهما شعور خفي من الاستقواء والاستعلاء، لأن الطائفة تبث نرجسيات قاتلة وسحرها جاذب في لحظات الحاجة والضعف، لإعادة إنتاج حكم الفرد والحاكم المستبد والديكتاتورية العائلية لكل طائفة بطواغيتها وأربابها.... عشتم وعاشت جماهيرية الجماهير.. .