أولاً: الحفاظ على وحدة لبنان وكيانه...

 


يدخل الجيش اللبناني في امتحانٍ عسيرٍ هذه الأيام، حول أهليته ودوره في الحفاظ على الكيان والنظام اللبنانيين، فوحدة البلد وسيادته مُرتبطة عضويّاً بوحدة الجيش، وسلامة دوره ومتانة عقيدته، لقد تمكّن الجيش اللبناني ( وكان ما يزالُ فتيّاً) من وأد محاولة الإنقلاب العسكرية التي نفذها الحزب القومي السوري عام ١٩٤٩، وانتهت بحلّ الحزب وإعدام سبعة من أعضائه، ومن بينهم زعيمه أنطون سعادة، وتمكن الجيش اللبناني عام ١٩٥٧، وبعد حربٍ أهلية دامية، من لمّ شعث البلد وترميم نظامه بقيادة اللواء فؤاد شهاب، الذي أعاد الوحدة الوطنية، وحافظ على سيادة لبنان في خضمّ التجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية، والمخاطر الصهيونية، وقضى الجيش اللبناني على محاولة الإنقلاب العسكرية الثانية التي قام بها الحزب القومي السوري عام ١٩٦١، ومضى بعدها العهد الشهابي في بناء المؤسسات الدستورية، وإقامة المشاريع التنموية والعمرانية، من تعبيد الطرق، إلى جرّ المياه ومدّ خطوط الكهرباء إلى القرى النائية في جميع المناطق، ولجأ الرئيس فؤاد شهاب إلى اعتماد سياسة الحياد في القضايا العربية المحتدمة في ستينيات القرن الماضي، ولم يُغفل شهاب بعد تدعيم الوحدة الوطنية الحاجة الماسّة للإصلاح الإداري، ورغم اتهام شهاب "بعسكرة" البلد بواسطة الدور المتعاظم لجهاز المخابرات العسكرية، والذي عُرف حينها بالمكتب الثاني، إلّا انّ الإنصاف يقتضي الإعتراف بأنّ الرئيس فؤاد شهاب كان شديد الحرص على ممارسة السلطة حسب الدستور والقوانين النافذة، وعندما سعى أنصاره عام ١٩٦٤ لتعديل الدستور تمهيداً لتمديد ولايته الرئاسية، رفض ذلك، وجرى انتخاب الرئيس شارل حلو رئيساً للجمهورية.

 

ثانياً: العماد جوزف عون..مشروع نجاة للبنان اليوم...

 


اليوم يفزع اللبنانيون لمؤسسة الجيش باعتبارها الملاذ الأخير، نظراً لتعقّد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في لبنان، وتداخلها مع وجود قوة عسكرية كبرى( ذات طبيعة ميليشياوية)، باتت تمتلك دوراً إقليميّاً مُتعاظماً، وقد فرضتها ظروف داخلية وإقليمية ودولية خارجة عن إرادة الجميع، بما فيها المؤسسة العسكرية، ومع استعصاء انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، ومع الفراغ الحكومي الداهم، يبقى الإلتفاف حول شخص العماد جوزف عون هو المخرج المُتاح ربما لانتشال البلد من مآزقه المتفاقمة، علّه ينجح في الحفاظ على وحدة البلد، وسلامة نظامه وكيانه، حتى لو كره الكارهون، وتعاظمت ألاعيب السياسيين الشيطانية، فالعقيدة والولاء للوطن، للوطن وحده، والوفاء للقسَم، تبقى فوق كلّ اعتبار.