المواطن اللبناني أرخص من ربطة فجل...

 

      
لا أعتقد أنَّ هناك مثيلاً للبنان من حيث تركيبة الحكم الكوميدية، القائمة على مصالح فئوية، عنصرية، طائفية، مافياوية، مذهبية، عصابة عصبوية، زعاماتية، ميليشياوية، كايباوية، بوليساوية، باشاوية، إقطاعيات إقطاعية، وقطاع طرق، كلها تحت ستار الديمقراطية، حكم ديمقراطي لبناني لا يؤمِّن أبسط مقومات الحياة، ماء، كهرباء، خبز، تعليم، طبابة، نظافة، طاقة، بل أصبحت السلع أغلى من الإنسان اللبناني، بل أرخص من ربطة فجل، بل أصبحت قيمته برخص التراب، لأننا أصبحنا نعيش تحت رحمة لوردات سياسية استغلالية بشعة قد لا نشهد لها مثيلاً في تاريخ لبنان، بالرغم من كل المآسي والحروب والويلات التي مرَّت على تاريخ هذا البلد، لم يمر فيه تجَّار من رؤوس عفنة ونفوس مريضة وطائفية بغيضة متسترة بعناوين الحرية والديمقراطية والتعددية، بل الأبشع من هذا وذاك، عنوان الديمقراطية التوافقية، نعم توافقية من آكلي لحوم البشر.

 

 

 نظرة سريعة ـ بلا طول سيرة ـ ومع هذا فما زالت دكاكين السلطة مفتوحة، وبائعوها يتربعون على عروش هذا البلد، ويدندلون أحذيتهم على أكتاف هذا الشعب، ويتدثرون لحاف الشرف وثوب العفة ودثار الديمقراطية المتسخ بضحايا هذا الشعب... للميِّت كرامة، وللموتى صناديق من خشب، لأنَّ الدكانة السلطوية قامت بدور الوسيط والسمسرة، وسلَّمت هذا الشعب المسلوب من كل حق، إلى حفنة من تجار الموت يتولون نقل هذا الشعب إلى مثواه الأخير، ولا دية له عند الدكاكين السلطوية، التي ترى بدورها التخفيف من هذا الثقل، فيكون أكبر خدمة تقدمها للوطن الذي يعاني الفقر والعوز، والتسول والشحاذة، بمحض إرادته، الذي عمي عن خيره، فكل حقوقه وعائداته سُلبت أمامه، لنقله إلى رحمة الله تعالى.