اكدت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" ان "تأليف الحكومة بات من الاستعصاء ما يحتاج الى معجزة تقرب ما بين منطقين يرفضان كليا بعضهما البعض، وتجاوزا الخصومة الى العداء الحقيقي. وهو الأمر الذي دفع الوسطاء الى الانكفاء وتجميد حركة الوساطات التي فشّلتها الكيدية المتبادلة".


 

هذه الكيدية، تنعكس بوضوح في لغة التحدي والتصعيد المتبادلة بحدة بالغة بين طرفي التأليف، وتتبدى في الهجوم العنيف الذي يشنّه التيار الوطني الحر على الرئيس المكلف، وتلويحه باسقاط البلد في كارثة في حال انتهت ولاية رئيس الجمهورية دون تشكيل حكومة تراعي معايير ومتطلبات التيار، وشل حكومة تصريف الاعمال ومنعها من الاجتماع على اعتبار انها فاقدة لصلاحية تولي صلاحيات رئيس الجمهورية.


 

ويتهم التيار الرئيس ميقاتي "بأخذ البلد الى كارثة، عبر الامعان في تعطيل تأليف الحكومة واللعب بالنار ودفع البلاد الى المجهول، وتخطي رئيس الجمهورية وممارسة المكر والاحتيال السياسي، ومحاولة فرض تركيبة حكومية لا تحظى بموافقة رئيس الجمهورية.

 

ويرفع التيار شعار "لا مجلس وزراء ولا اجتماعات لمجلس الوزراء ولا قرارات ولا موافقات استثنائية لتسيير الاحوال بعد الشغور الرئاسي من دون حكومة اصيلة"، مقدرا "ان ممانعي تشكيل الحكومة سيجدون انفسهم وجهاً لوجه أمام الأزمات المتوالدة، وفي مواجهة الغضب المقدس للناس، الذي سيترجم نفسه بشكل طبيعي وتلقائي، على مختلف المستويات". ويذهب التيار الى حد الاعلان بأن الحكومة الحالية المستقيلة ممنوع أن تتولى ما خصصه الدستور من صلاحيات لرئيس الجمهورية، في حال الشغور في السدة الاولى. أما إذا أصر رئيسُها على اعتبارها كاملة الصلاحيات، وتجرأ على استخدام صلاحيات الرئيس، فهو بلا أدنى شك، يحوّل نفسه إلى مغتصب للسلطة، مهدداً البلاد بفوضى دستورية وميثاقية وسياسية، وضارباً بذلك أسس الشراكة الوطنية و وثيقة الوفاق الوطني، وقد يجرّ البلاد إلى الأخطر. ورئيس الجمهورية، ومعه التيار الوطني الحر وسائر الحريصين على الكيان ومكوِّناته، يملكون مجموعة من الخيارات الكفيلة بمنع الانزلاق في المحظور، ومنها بداية، كلُّ ما يتصل بإسقاط الصفات القانونية والمقوِّمات الشرعية عن الحكومة الحالية ، كي لا تتحول إلى أداة للفتنة ومصدرا لتهديد الوفاق".


 

وهو الامر الذي يلقى ردودا عنيفة من فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال، الذي يصر بدوره على الحق الدستوري لحكومته في ادارة شؤون الدولة، دون اي اعتبار للصراخ الاعتراضي الذي يبديه التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.

 

ويحمل فريق الرئيس ميقاتي، فريق الرئيس عون التيار وباسيل مسؤولية ما آل اليه الوضع، والمسؤولية الكبرى يتحملها باسيل حصرا، بمعاركه المتتالية التي سماها فريق ميقاتي بـ"معارك الصهر قاطع الظهر"، وتبعا لذلك اعتبر هذا الفريق ان المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت بين رئيس سابق قرر انهاء ولايته بسلام والعودة الى دارته بمرارة عدم تحقيق ما كان يحلم به للوطن، و"رئيس ظل سابق" كان المسبب الاساس لافشال الاحلام والانجازات ويصر على اللحاق بالرجل الى دارته ليستكمل من هناك معاركه الدونكيشوتية ومحاربة طواحين الهواء التي نصبها لسنوات. و"رئيس الظل" هذا يتجاهل انه من ابرز المتسببين بتعطيل انتخابات رئيس الجمهورية، التي تنهي كل هذا السجال واللغو.