لا تبدو مفاجأة بقدر ما هي  مؤشر قوي على إنغماس سياسي لحزب الله دون أيّ حساب منه أو جدل عقائدي حول محظوراته التأسيسية الرافضة لأي شكل من أشكال الإعتراف بالعدو سواء في السماء أو في الأرض ماءً ويابسة .

 

كما أنّ إندفاعه القوي وراء ضرورات السلطة لجهة تلبية المطالب والمصالح الأميركية أو لجهة الحاجة الملحة للسلطة لأموال الغاز بعد أن توقفت كل حنفيات الدول التي كانت مفتوحة على لبنان والتي كانت تروي عطش السياسيين . تجعل من مؤشر صعدو الحزب سياسياً على حساب عقائده المعلنة أكثر وضوحاً في مرحلة يقودها حزب الله ويعيد فيها ترسيم حدود كل شيء إنطلاقاً من حلاله وحرامه ومروراً بضرورات السلطة وطبيعة تحالفاته الداخلية وخارطة خلافاته الخارجية وصولاً ألى مرحلة اليأس السياسي مع (الحصار ) الأميركي وتداعياته المذلة والمرهقة والحاجة الملحة إلى هدنة تختبرها طبيعة المنفعة من حقلي كاريش وقانا لكلا المتفقين على التوسل بالغاز لإراحة أزمة متعددة الوجوه .

 


هذا الترتيب الحدودي المائي على خلفية حقليّ الغاز يعكس سياسياً قبل وبعد المصلحة الإقتصادية تصالحاً ما . ما بين أميركا وبين السلطة السياسية اللبنانية ذا بُعد متعدد لا يقف عند حدود الحدود بقدر ما يفتح شهية المتفقين على ترتيبات وتفاهمات أخرى ومن بينها التفاهم على رئيس للجمهورية في ظل إنعدام الرؤية بين السياسيين اللبنانيين وعدم قدرتهم على التفاهم وعدم قدرتهم أيضاً على تأمين أكثرية نيابية تجعل من مرشح الممانعة واصلاً إلى القصر أو من مرشح السيادة واقفاً على باب القصر.

 

وحدها أميركا قادرة على إجتراح المعجزات ووحدها من تستطيع تلين المواقف وهي الممسكة برقبة هذا وأذن ذاك ولا قدرة لأحد على مخالفتها لذا تسهيل ترسيم الحدود من قبل السلطة اللبنانية سيقابله تسهيل أميركي لرئيس ليس ببعيد عن قوى السلطة وبالتالي لا تستطيع ( المعارضة ) إلاّ التماشي مع شخصية ليّنة أي غير ممانعة بالمعنى السياسي بقدر ما هي غير ممانعة بمراعاة ضرورات حزب الله المعروفة داخلياً وخارجياً .
من هنا يصبح كل من المرشحين القويين سليمان فرنجية وميشال معوّض أبعد ما يكونا عن قصر بعبداً ، وليصبح باب بعبدا مفتوحاً لشخصية فيها ما فيها من فرنجية وفيها ما فيها أيضاً من معوّض .