هذا الدور الذي اضطر الحزب الى الاضطلاع به مرغما، بعد ان كان شنّف اذاننا بخدعة انه حزب المحرومين والمظلومين والمدافع عن حقوق المستضعفين في الارض، واذا به يكشف عن وجهه الحقيقي وعن وجه سلاحه الاسود في استئساده واستشراسه بالدفاع عن الفاسدين والسارقين واللصوص، هذا الامر الذي كان ليحتاج منا الى سنوات والى الاف المقالات والكتب والمحاضرات والادلة والبراهين، إستطاعت 17 تشرين ان تفضحه وتكشفه على الملأ وامام الرأي العام اللبناني والعالمي، ولعل هذا اعظم ما انتجته 17 تشرين.
 

كثر النقاش في اليومين الاخيرين بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لنزول الناس الى الشارع وتعبيرهم عن رفضهم لاستمرار الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان وادائها السيء وفسادها المستشري الذي نخر جسد الدولة اللبناية حتى وصل الى العظم وتسبب بأسوء ازمة اقتصادية في القرن الحالي.
 

 


ومحور النقاش الدائر كان السؤال المركزي ما اذا كانت قد فشلت 17 تشرين او لا، ومرد هذا السؤال هو اعتبار ان وظيفة " الثورة " هو فقط  اقتلاع السلطة الموجودة والاتيان بسلطة جديدة، وهذه المقاربة الساذجة تجعل الاجابة حينئذ على التساؤل المطروح هو من نسخها، فيكون بأن 17 تشرين فشلت فشلا ذريعا 

 

الا ان هذا النمط من النقاش يمكن ان يكون له حيز ووجود في النظم الديمقراطية الطبيعية المحترمة، أما في النظم الديكتاتورية القمعية، فلا امكانية لهكذا مقاربات، بل وتعتبر حينها انها ضرب من التجهيل المعتمد والمقصود عند معظم الانظمة المستبدة، 

 

فالفرق شاسع جدا بين ان نقول أن ثورة ما قد " فشلت "، او ان نقول بان الثورة قد "قمعت" وبالتالي لم تصل الى مبتغاها بعد، لان الفشل هو نقص بنيوي يكون في الثورة والقائمين بها وهو امر مذموم ومعيب، اما حين تُقمع اي ثورة في العالم ( حديثا او قديما ) فهذا يخضع لموازين القوى بعيدا عن معاير الحق والحقيقة الموضوعية، ومن هنا يمكن القول مثلا ان ثورة الامام الحسين قمعت في كربلا، وهذا لا يمس باحقية ثورة الحسين ونصاعتها ونبل اهدافها، ولا نقول بان الحسين فشل لان سلطة يزيد قد استمرت من بعده.

 

 

وكذلك الحال حين مقاربة ثورة الخميني التي بدأت في بداية الستينيات باحداث المدرسة الفيضية، الى ان حققت مآربها واقتلعت الشاه اواخر السبعينيات، ففي تلك المرحلة قد استطاع الشاه باجرامه وسافاكه ان يقمع الثورة حينها.

 


  
وبالعودة الى 17 تشرين وما اصابها بعد اليوم الثالث من انطلاقتها فيمكن القول ان السلطة المجرمة الفاسدة في لبنان نجحت الى حد كبير بقمع الناس وترويعهم بابشع انواع القمع تماما كما يفعل الطواغيت في عالمنا العربي من صدام الى بشار والقذافي وقد لعب حزب الله دورا رئيسا ورأس حربة كحارس امين وحامي حمى سلطة الفساد تلك،  ومارس ابشع انواع القمع المادي والمعنوي بحق المنتفضين على الظلم.

 

 

هذا الدور الذي اضطر الحزب الى الاضطلاع به مرغما، بعد ان كان شنّف اذاننا بخدعة انه حزب المحرومين والمظلومين والمدافع عن حقوق المستضعفين في الارض، واذا به يكشف عن وجهه الحقيقي وعن وجه سلاحه الاسود في استئساده واستشراسه بالدفاع عن الفاسدين والسارقين واللصوص، هذا الامر الذي كان ليحتاج منا الى سنوات والى الاف المقالات والكتب والمحاضرات والادلة والبراهين، إستطاعت 17 تشرين ان تفضحه وتكشفه على الملأ وامام الرأي العام اللبناني والعالمي، ولعل هذا اعظم ما انتجته 17 تشرين.