لو أنّ جبران باسيل كان على علمٍ ودراية بما جرى فعلاً في يوم الثالث عشر من شهر تشرين الأول عام ١٩٩٠، لما وقف بالأمس مُستعلياً مُتباهياً بجسارةٍ ووقاحة على اللبنانيين في ذكرى هذا اليوم "المجيد" في نظره، في حين كان يوم هزيمةٍ مُذلّة لقيادة الجنرال عون، الذي كان قد رفض الإذعان لشرعية الرئيس الراحل الياس الهراوي وحكومته، واحتلّ القصر الجمهوري في بعبدا عُنوةً، ورفض مُغادرته، داعياً الشعب اللبناني الصابر وجيشه لمقاومة الإحتلال السوري، وإذ به يسعى للهرب من بعبدا صبيحة الثالث عشر من شهر تشرين الأول عام ١٩٩٠.

 


 لو علم باسيل واطّلع( ولعلّه كان على علمٍ واطّلاع) على ما أدلى به السفير الفرنسي السابق السيد رينيه آلا، لصحيفة الحياة لاستخذى ولزم الصمت في هذه الذكرى الأليمة، فاللبنانيون يحفظون في ذاكرتهم يوم الخزي والعار، إذ إنّ القائد العسكري ميشال عون الذي كان قد تبجّح بمقاومة المحتلّ السوري حتى آخر رمقٍ في حياته، وعندما حانت ساعة الحسم والعزم، فرّ هارباُ إلى مقر السفارة الفرنسية في بيروت الغربية، بينما كانت الوحدات العسكرية التي كانت تحت إمرَته، ما زالت تُقاتل ببسالة، ورفض بعضها الاستسلام، ويروي السفير الفرنسي "آلا" أنّ وحدة الضابط "كلاس" كانت الأصعب مراساً، وللأسف الشديد، رافقت عمليات الإعتقال والإستسلام إعدامات ميدانية، وانتهاكاتٍ فظيعة بحقّ الجنود اللبنانيين الذين كانوا قد صدّقوا عنتريات عون الفارغة، لتجري بعد ذلك في السفارة الفرنسية مُفاوضاتٍ مُذلّة، فقد رفض الرئيس الهراوي التفاوض مع عون، إلّا عبر السفير آلا، كما رُفض طلب السلطات الفرنسية بمغادرة عون إلى فرنسا، بعد منحه حقّ اللجوء السياسي، ولم يحصل ذلك إلا بعد شهورٍ صعبة من فرض الشروط السورية على وضع عون في باريس.

 


جبران باسيل..من يحقّ له الفخار والعزّة في الثالث عشر من شهر تشرين الأول عام ١٩٩٠، في هذا اليوم الدامي والمأساوي في تاريخ لبنان الحديث، هم أهالي الشهداء والجرحى والمعوقين والمفقودين والمُعتقلين حتى الساعة من جنود الجيش اللبناني الأبي، الذي طالما كان، وما يزال  درع الصمود وصمام الأمان لجموع اللبنانيين، في وجه تلاعبات السياسيين ومخازيهم  وصفقاتهم من أمثالك وأمثال عمّك، العسكري الهارب برتبة "غزال" من ساحة المجد والعزّ والفخار.