إذا كان التفاهم على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، قد أضاء في الأفق اللبناني بصيص أمل بانفراج اقتصادي ومالي مؤجّل، فلا أمل يُرجى من حقل التعقيدات الداخلية، الذي أطفأت انقسامات مكوناته السياسية وأحقادها على بعضها البعض، أي بارقة أمل في بلوغ حلّ معجّل، لبلد تخنقه الأزمات في كل مفاصله.


 

إحتفالية توقيع اتفاق الترسيم، وكما هو مرسوم لها، ستتمّ في مقر قوات "اليونيفيل" في الناقورة وتحت علم الأمم المتحدة وبرعايتها، وفي حضور الوسيط الاميركي طبّاخ هذا الاتفاق، تقابلها في الداخل حاجة أكثر من ملحّة لإعادة ترسيم الواقع السياسي المريض، وكسر الحدود الفاصلة بين مكوناته المحكومة بعداوات بلا حدود، لا يجمع بينها سوى إرادات إلغائية ورغبات اقصائية وصراع أجندات وحسابات سياسية وحزبية.


 

وسط هذه الصورة، يتبدّى المسلسل الحكومي، الفاشل او بمعنى أدق، المفشّل عمداً، والمحبط لكل جهود الوسطاء العاملين على إخراج الحكومة من قبضة الشروط والمزاجيات والمبالغات، وكسر إرادة رمي البلد في فراغ في سلطته التنفيذية وإفقاده قدرة اتخاذ القرار والمبادرة إلى خطوات علاجية باتت اكثر من مستعجلة لبلد ينازع. وجديد هذا الملف كما يقول أحد الوسطاء لـ"الجمهورية": "انّ فرصة تأليف الحكومة باتت في أضيق حدودها، وحتى الآن لم يحصل اي تقدّم ملموس، واكثر من ذلك وخلافاً لما نسمعه من بعض الاطراف، لم نلمس حتى الآن إرادة جدّية بتشكيل حكومة، ومع ذلك امامنا فرصة ضيّقة جداً لمحاولة أخيرة لتوليد الحكومة، سقفها نهاية الاسبوع الجاري".

 

ورداً على سؤال عن الشروط المطروحة، قال في إشارة إلى رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل: "ثمة من لا يزال مصرّاً على فرض خلطة حكومية جديدة بتغيير واسع في تشكيلتها، مقابل الطرح المعروف بتغيير محدود يطال اربعة او خمسة وزراء على الاكثر. وأكشف هنا، اننا تلقينا وعداً بالتجاوب مع الجهود القائمة، في غضون الساعات الثماني والاربعين المقبلة. وبناءً على ذلك ليس علينا سوى الانتظار".