يُروى أنّ الشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري، كان يُلقي قصيدته الرائعة في حفل تأبين المجاهد العروبي الراحل عبدالحميد كرامي، في منتصف القرن الماضي والتي مطلعها: باقٍ وأعمارُ الطُغاة قِصارُ، وأبيات القصيدة تطعن في مقام الملوك والحكام العرب في تلك الأيام، فتقدّم عريف الحفل التكريمي الراحل الشهيد كامل مروة (صاحب ورئيس تحرير جريدة الحياة) من الشاعر ليهمس في أذنه بضرورة تخفيف حدّة الإنتقاد للملوك والرؤساء العرب، فوجم الجواهري لحظةً، ثم ارتجل قائلاً:

 


وصحافةُ صفراء في كلّ نادٍ

 


تُباعُ وتُشترى وتُعارُ.

 


إذا كانت صحافة الأيام الخوالي: صحافة رياض طه ومحمد البعلبكي وكامل مروة وغسان تويني ونسيب المتني وسليم اللوزي، ومحمد حسنين هيكل يصفها الشاعر الجواهري بالصفراء، التي تُباع وتُشترى وتُعار،


فيا ليت شعري ما كان ليقوله الشاعر لو شهد هذه الأيام "إبداعات" إبراهيم الأمين على صفحات جريدة الأخبار كلّ صباح، أو سمع مقامات مريم البسام على شاشة قناة الجديد كلّ مساء، أو قُيّض له أن يسمع بدائع سالم زهران ووئام وهاب وفيصل عبدالساتر وناصر قنديل وغسان جواد والدكتور فياض والشيخ صادق النابلسي، والشيوعي المُمانع رفيق نصرالله، وفوق كلّ ذي علمٍ عليم، يأتيك سامي كليب وغسان بن جدو بما لا يخطر على بال، من تفاهاتٍ وسخافات، فعلى الأرجح كانت ستأخذه الدهشة والحيرة، وكان ليرحمنا من شدّة بلائنا من صلف وغرور وحماقة وقلّة أدب واحتشام هؤلاء الذين يقتحمون خلواتنا المسائية بلا حسيبٍ ولا رقيب، وكل ذلك ببركات الولي الفقيه وأمواله النظيفة، ولا يبقى سوى الدعاء عند "المستضعفين": طيّب الله ثرى من قضى، وأطال الله بعمر من ينتظر.