يبرز الاستحقاق البحري المتمثّل بترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. حيث انّ لبنان أكمل قسطه حيال هذا الطرح الاميركي وطرح ملاحظاته عليه من خلفية ايجابية قابلة بهذا الطرح وأودعها الجانب الاميركي بمضمون يؤكد الثوابت اللبنانية برفض اي شراكة مالية مع العدو الاسرائيلي وعدم اعتبار ما حصل معاهدة مشتركة بين دولتين، وعدم الربط بين الترسيم البري والبحري كما بالنسبة الى المنطقة الآمنة التي تجاهلها التفاهم الجديد وتركها الى مرحلة لاحقة".


 

واللافت في هذا السياق ما تعكسه الديبلوماسية الاميركية حيال هذا الامر، حيث تؤكد أن اتفاق الترسيم بين لبنان واسرائيل ستكون له فوائد ايجابية على الصعيد الأمني في المنطقة، معتبرة "أنّ الاتفاق سيقلّص التوترات بين لبنان وإسرائيل وبشكل مقدمة لمفاوضات جديدة في المستقبل من شأنها أن تشيع الاستقرار في المنطق".


 

وتلفت الديبلوماسية الاميركية الى انّ واشنطن أدّت دورا كبيرا في التواصل بين الطرفين وساهمت جدياً للتوصّل الى ما تم التوصّل اليه من اتفاق يفترض ان لا يتم تضييعه من قبل الدولة في لبنان، فمن دون الوساطة الأميركية كان لبنان سيحرم من التنقيب واستخراج الغاز والنفط، علماً انه يمرّ بأزمة اقتصادية ومالية تستدعي أخذها بعين الاعتبار، لا سيما أن اتفاق الترسيم يصبّ في مصلحة لبنان كما في مصلحة إسرائيل".


 

في هذا الوقت توالى الترحيب الخارجي بالتقدم في ملف الترسيم وآخره من وزارة الخارجية الاردنية التي اعتبرت "انّ التقدم الذي حققته "الجهود الاميركية لترسيم الحدود بين الجمهورية اللبنانية الشقيقة واسرائيل، سيتيح للبنان الاستفادة من حقول الغاز في البحر الابيض المتوسط، ومواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق الامن والاستقرار، بحسب ما أوردت وكالة الانباء الاردنية.

 

وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير هيثم أبو الفول، "دعم الأردن لكل الخطوات التي تصب في مصلحة لبنان الشقيق وتخدم أمنه واستقراره، ووقوف الأردن الكامل مع لبنان الشقيق للتصدي للتحديات التي يواجهها".


 

على انّ تبلور الخيط الابيض من الخيط الاسود في هذا الملف، ينتظر جلاء الصورة الاسرائيلية في ظل الاجواء الانقسامية حيال هذا الملف بين المستويات السياسية الاسرائيلية، والسجالات المحتدمة بين الحكومة الاسرائيلية والمعارضة.

 

واعتبرت صحيفة "يديعوت" انّ الاتفاق "حل وسط معقول بين مواقف الطرفين التي كان بعضها على ما يبدو لأغراض المفاوضات فقط"، مشيرة الى انه "وفقاً للتسوية المتوقعة، ستنتج إسرائيل الغاز من حقل كاريش، بينما لبنان من حقل صيدا المجاور، الذي يقع معظمه بالفعل في أراضيها وفقاً للحدود المعرّفة في الاتفاق ("خط 23"). شركة "انيرجيان" ستبدأ قريباً باستخراج النفط من كاريش؛ وبعد بضع سنوات ستكون على مسافة 5 كيلومترات من الطوافة التي نصبتها هناك طوافة أخرى للشركة إيّاها، تنتج الغاز من حقل صيدا.


 

واشارت الصحيفة الى وجود سلوك إسرائيلي رافض وعديم الرؤيا، يشبه موقف حكومات إسرائيل المختلفة في مواضيع أخرى أيضاً. فالمسألة ليست متشابهة في أهميتها للطرفين. قيمة الغاز في الحقل "اللبناني" تقدّر بنحو 20 مليار دولار. هذا ليس مبلغاً لا شأن له، لكن في إسرائيل، التي يزيد الناتج المحلي الخام لديها عن 400 مليار دولار، فإنّ المداخيل من مردودات الغاز في هذا الحقل - أقل من نصف المبلغ على مدى سنوات غير قليلة - لن تغيّر كثيراً الواقع الاقتصادي. في المقابل، وبالنسبة للبنان المنكوب الذي انخفض ناتجه المحلي الخام بنحو النصف في السنوات الأخيرة ويبلغ نحو 35 مليار دولار في السنة، وأكثر من نصف سكانه يعرفون بأنهم يقفون على شفا الجوع، فإنّ هذه المليارات تعدّ بشرى كبرى حتى وإن كانت ستصل بالتدريج بعد بضع سنوات فقط".

 

الى ذلك، كتب موقع "ريسبونسيبل ستايتكرافت" انّ "رد فعل كل من لبنان وإسرائيل كان إيجابياً على الاقتراح الأميركي لحل النزاع الحدودي البحري بين الخصمين اللدودين، ممّا يشير إلى أنه يمكن التوصل إلى اتفاق أخير. وإذا نجحت الاتفاقية، فستكون أول انتصار كبير لسياسة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط. ومع اقتراب موعد الانتخابات في لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة، لا يمكن أن يأتي نجاحها في وقت أفضل لجميع الأطراف المعنية.

 

وبحسب تقرير نشره موقع "المونيتور" فإنه في إطار جهوده للفوز في انتخابات الأول من تشرين الثاني المقبل، فإنّ زعيم المعارضة في إسرائيل بنيامين نتنياهو، مستعدٌ لنسف إتفاق بين إسرائيل ولبنان، حيث انه قبل أقل من شهر من الانتخابات الأكثر أهمية في حياته، يبدو كأنه قد فقد عقله. فسلوكه أصبح غريباً، وهو يحاول جاهداً أن يظهر بمظهر طبيعي لكنه في الحقيقة يوغِل عميقاً في النهاية التي وضع نفسه فيها.

 

ونقل الموقع عن مصدر أمني إسرائيلي أن رئيس الوزراء السابق يُسبب ضرراً استراتيجياً صريحاً لإسرائيل "إنه يعلم أن الإتفاق الإسرائيلي اللبناني مهم جداً. وهو يعلم أيضاً أن جميع الخبراء الأمنيين من دون استثناء يدعمون هذا الإتفاق. ويعلم أن إسرائيل لم تتنازل إلا عن القليل مقابل الإستقرار والأمن الإقليميين".

 

واشار الموقع الى انه من الواضح أنّ محاولات نتنياهو لتشويه سُمعة لابيد بأنه "خائن يبيع موارد إسرائيل الطبيعية لأمين عام "حزب الله" حسن نصرالله" لا أساس لها من الصحة. وقد أوضح العديد من الخبراء الأمنيين مؤخراً أن إسرائيل وافقت بالفعل على خط ترسيم أقرب إلى تفسير لبنان لمدى مياهه الإقليمية منه إلى حدودها الخاصة، لكنها فعلت ذلك من منطلق اعتبارات أمنية واقتصادية واضحة تتعلق بفعالية التكلفة. ويقول الخبراء إن تنازل إسرائيل للبنان عن "خزان غاز صغير" لم يتم اكتشافه رسمياً بعد، هو تنازل بسيط مقارنة بالمزايا التي يوفّرها مثل هذا الإتفاق.