عملياً، شكلت دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية صدمة في الجدار الرئاسي، وألقت الكرة الرئاسية في ملعب جميع المكونات، بتوجيه البوصلة السياسية في اتجاه إتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده، وتجنيب البلد تجرّع كأس الفراغ الرئاسي الطويل الامد، وما قد يرافقه من اشكالات واشتباكات وتداعيات غير محسوبة وغير محمودة بسلبياتها.

 

واذا كانت هذه الدعوة في شكلها ومضمونها وتوقيتها قد جاءت في سياق ممارسة رئيس المجلس لِحقّه بتحديد موعد جلسة انتخاب الرئيس التزاماً بالنص الدستوري، الذي يحصر به وحده هذه الصلاحية، ضمن مهلة الستين يوماً السابقة لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية. فهي في الوقت نفسه جاءت ايضاً كإشارة شديدة الوضوح من قبل رئيس المجلس الى انّ اولوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية تتقدم على سائر الاولويات، وان النقاش الجدي والمجدي يفترض ان يتركّز في اتجاه اتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري من دون اي ابطاء، بعيداً عن مزايدات المنابر وسجال المواصفات الدائر بين هذا الفريق أو ذاك.


 

الا انّ المفارقة التي أفرزتها مبادرة بري الى تحديد موعد جلسة انتخاب الرئيس، تَبدّت في انّ صداها كان مدوّياً في الاوساط السياسية على اختلافها، وخصوصا لدى القوى التي سبق لها ان تسابقت مع دخول مهلة الستين يوماً لانتخاب رئيس الجمهورية في توجيه مطالبات متتالية لرئيس المجلس بتحديد جلسة الانتخاب، حيث انّ مبادرة بري عامت في بحر من الارباكات، والتساؤلات حول توقيتها، وما اذا كان خلف الاكمة أرنباً رئاسياً يخفيه الرئيس بري، ليبرز كعنصر مفاجأة في الجلسة يقلب الواقع الرئاسي رأساً على عقب، ويفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية خلافاً لكل التوقعات التي تحسم سلفاً استحالة انتخاب رئيس في جلسة اليوم؟