تتبدّى شهادة سلبية جديدة لصندوق النقد الدولي حيال وضع لبنان، انطوت على تأنيب جدّي للقادة السياسيين لتراخيهم حيال ازمة لبنان، وعدم ايفائهم بالالتزامات التي قطعوها للخروج من الأزمة، والوصول الى برنامج تعاون مع الصندوق.

 

وفي هذا السياق، تورد مصادر موثوقة بعضًا من الملاحظات السلبية التي اوردها وفد صندوق النقد الدولي خلال زيارته الاخيرة للبنان، وغادر منه متشائمًا بانفراج الوضع في هذا البلد:


 

اولًا، عكس وفد صندوق النقد، تشاؤمًا صريحًا إزاء مستقبل الوضع في لبنان، حيث تمّ توقيع اتفاق بين لبنان والصندوق في 7 نيسان 2022، ولم يُنفّذ شيء مما وعد به الجانب اللبناني، وخصوصًا لناحية إقرار القوانين الاصلاحية، بما يفتح الباب إلى الانتقال إلى مرحلة التفاوض الفعلي والجدّي حول الاتفاق النهائي على برنامج تعاون مع الحكومة اللبنانية. اي اننا لم نصل بعد إلى التفاوض، ومسؤولية التأخير تقع على الجانب اللبناني الذي لم يُنجز شيئًا سوى تضييع الوقت وتضييع المال.


 

ثانيًا، كشف وفد صندوق النقد انّه تلقّى وعدًا جديدًا من الجانب اللبناني، بأنّه خلال 10 ايام سيصار إلى البت بمجموعة هذه القوانين، ومنها على وجه الخصوص قانون السرية المصرفية (الذي ردّه رئيس الجمهورية الى مجلس النواب) حيث وعدنا ان يتمّ تعديله على نحو يتماشى مع المتطلبات الدولية. نحن سنرى ما إذا كان نواب البرلمان اللبناني سيلتزمون بهذا التعديل، لانّ القانون بصورته الراهنة لا يلبّي المتطلبات الدولية.


 

ثالثًا، كشف وفد الصندوق ايضًا بأنّه تلقّى وعدًا بإقرار موازنة العام 2022، ومع انّ هذه الموازنة يعتبرها صندوق النقد هزيلة، الّا انّه يمكن ان يقبل بها خصوصًا انّها موازنة لسنة انتهت ولم يبق منها سوى ثلاثة اشهر، ولكن هذه الموافقة مشروطة بأن يُحتسب سعر صرف الدولار فيها على 20 الف ليرة، الّا انّ الصنجوق لا يمكن ان يوافق على موازنة سنة 2023 باحتساب سعر الدولار فيها اقل من منصة صيرفة.

 

رابعًا، اكّد وفد الصندوق عدم ثقته في تمّكن لبنان من ان يقرّ قانون "الكابيتال كونترول" من دون اي التباسات في مضمونه. وكذلك عدم ثقته في تمكّن لبنان من ان يُنجز خطة اعادة هيكلة القطاع المصرفي. ولفت إلى انّه من دون انجاز هذين الامرين، لن يتمّ الانتقال إلى مرحلة التفاوض على برنامج تعاون بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية. وهذا سيؤدي إلى افقاد لبنان دوره بين الدول الطالبة مساعدة الصندوق، حيث سيرحّل هذا الدور الى شهر آذار من العام 2023.


 

خامسًا، لم يقارب وفد صندوق النقد خطة التعافي الحكومية، كصيغة كاملة نهائية تلبّي الغاية منها، بل انّه قارب بإيجابية خطة التعافي التي وضعتها الهيئات الاقتصادية، ملاحظًا تقاربًا عمليًا وعلميًا بينها وبين خطة الحكومة، وبناءً على مضمونها، اقترح الوفد على الهيئات الاقتصادية زيارة واشنطن للتباحث في شأنها.

 

سادسًا، تقصّد وفد الصندوق توجيه انتقاد إلى ما سمّاه "بعض الاعلام القصير النظر" في لبنان، الذي يسخر من الثلاثة مليارات ونصف المليار دولار التي سيحصل عليها لبنان على مدى 4 سنوات وفقًا لبرنامج التعاون. فالصندوق لم يسبق ان وقّع اي اتفاق تعاون مع أية دولة، من دون ان تكون له ملحقات ايجابية له، تفتح امام تلك الدول باب الحصول على مليارات اضافية من الدول والصناديق المانحة. فالمطلوب من اللبنانيين إدراك هذه المسألة، وإدراك مصلحة بلدهم والعمل وفقها.

 

سابعًا، في طيات ما اورده وفد صندوق النقد الدولي، إشارات واضحة تحث الجانب اللبناني على ان يراعي مصلحة لبنان ويوفي بالتزاماته ووعوده، لأنّه إن تخلّف عن ذلك، فهناك الكثير من الدول المأزومة التي تنتظر دورها لنيل مساعدة الصندوق، فإذا لم توفوا بوعودكم والتزاماتكم، فصندوق النقد ليس لديه وقت يضيّعه، بل وقته يصرفه في المكان الذي يرى فيه جدوى وفائدة للدول التي تعاني أزمات وتحتاج الى اموال الصندوق، مثل غانا وتونس وسيريلانكا والارجنتين وباكستان وغيرها.