في المحصلة، هنالك نوعان من الفساد والسرقة للمال العام، فساد فردي وفساد حزبي، فلو سلمنا جدلا بأن أفراد حزب الله ملتزمون ( رسميا ) الا من شذ، بحرمة سرقة المال العام على المستوى الفردي، فإن حزب الله متورط حتى النخاع بالفساد الحزبي، والافظع من ذلك فانهم يتباهون به ويتفاخرون به بكل فجور، تحت مسميات شتى ( حصار - تهريب مقاوم – دعم الحلفاء ) ولا يجدون اي غضاضة بممارسته على روؤس الاشهاد لانه بنظرهم فساد حلال إن لم نقل انه فساد واجب، وهنا الطامة الكبرى .
 

 

القاصي والداني، المتعلم والجاهل .. صار يعرف بشكل لا مجال معه للشك بأن سرطان لبنان الاول ومرضه العضال هو فساد اركان السلطة والجاثمين على كراسي الحكم منذ عقود وعقود، اذا لم نقل بأن هذا المرض المستشري بدأ منذ لحظة نشأة لبنان الكبير، الا انه في السنوات الاخيرة أخذ منحى أكثر توحشا مما اوصلنا الى ما نحن عليه من جحيم.

 

 

المتغير الاكبر في المشهد السياسي اللبناني في العقدين الاخيرين هو دخول حزب عقائدي ديني ايديولوجي اسمه حزب الله  وتحوله الى اللاعب الاكبر والممسك الاوحد بمفاصل اللعبة السياسية، ومع هذا المستجد المترافق مع ازدياد وتفشي الفساد وتغلغله في جسد مؤسسات الدولة حتى نخرها عن بكرة ابيها وقضى على ما تبقى من رفات الدولة وبقاية هيكلها العظمي 

 


برز في هذه المرحلة السوداء نقاش واسع نشهده يوميا على الاعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي يتمحور حول دور حزب الله في نشر الفساد، وهل هو حزب فاسد بالمعنى الكلاسيكي او انه مجرد حامي للفساد والفاسدين فيما هو كحزب براء من الغوص بوحول هذا الفساد.

 

 

هذه الاشكالية ان وجدت، فهي بسبب همالونية تعريف الفساد في اذهان شريحة كبيرة من اللبنانيين وبالاخص عند جمهور الحزب، ويعمل الحزب بشكل حثيث على اضفاء الكثير من الغموض والجهل حول مفهوم الفساد، فصار مفهوم الفساد يرتبط عضويا بمعنى السرقة من المال العام فقط، والحزب الفاسد هو الحزب الذي لديه في الادارة والحكم وزراء او نواب او موظفين سارقين ينهبون المال العام ويكدسون ثروات شخصية، وان الحزب الذي يتبنى وزراء لا يسرقون لمصالحهم الشخصية ولا يسرقون المال العام هو حزب بعيد عن الفساد ولا يمكن اتهامه بل ويجب تبرأته 

 


فيما يتغاضى حزب الله عن المعنى الاوسع للفساد، ويخفي عن قصد مفهوما اخطر بما لا يقاس بين الفساد الفردي والفساد الحزبي، لأن حزب الله وان كان يصعب اتهام افراده ووزراءه بالفساد  المباشر( السرقة )، الا انه منغمس حتى النخاع في النوع الثاني من الفساد الاكثر خطورة.

 


 
وعلى سبيل المثال لا الحصر، قد يسمي حزب الله وزير صحة مثلا لا يسرق لمصلحته الشخصية اموال وزارته، ولكنه لا يتورع البتة من اغداق اموال الوزارة على مستشفيات والمراكز الصحية التابع لحزبه ورفع موازنتها ( كما حصل مع حمد حسن ) تحت عناوين ومبررات ان هذه المؤسسات تقوم بادوار كبيرة في خددمة المجتمع، فهو هنا وان كان لا يسرق لمصلحته الا انه يسرق وينهب ولكن لمصلحة حزبه، 

 


ومثال أخر على عملية النهب الممنهج والسرقة لمصلحة الحزب وخلفه المحور، هو ما حدثنا عنه الشيخ صادق النابلسي حين اسمى التهريب النشط تحت ادارة الحزب لكل البضائع المدعومة من اموال اللبنانيين لدعم النظام السوري واطلق عليها يومها " بالتهريب المقاوم " والذي نهب من المال العام ملايين الدولارات، هذا فضلا عن سياسات اخذ البلاد والعباد الى خيارات سياسية تُفرض على اللبنانيين، تتسبب بشكل غير مباشر بسرقة اموال وهبات بمليارات الدولارات وذلك من خلال منعها من القدوم الى لبنان لاسباب ومصالح حزبية د.

 

 

في المحصلة، هنالك نوعان من الفساد والسرقة للمال العام، فساد فردي وفساد حزبي، فلو سلمنا جدلا بان افراد حزب الله ملتزمون ( رسميا ) الا من شذ، بحرمة سرقة المال العام على المستوى الفردي، فإن حزب الله متورط حتى النخاع بالفساد الحزبي، والافظع من ذلك فانهم يتباهون به ويتفاخرون به بكل فجور، تحت مسميات شتى ( حصار - تهريب مقاوم – دعم الحلفاء ) ولا يجدون


اي غضاضة بممارسته على روؤس الاشهاد لانه بنظرهم "فساد حلال" إن لم نقل انه فساد واجب، وهنا الطامة الكبرى .