إذا كانت الطبقة السياسية بفئاتها ومنوعاتها قد فسُدت وتحلّلت، وتبعتها الأجهزة القضائية والعسكرية والأمنية، في ظل انعدام الفاعلية اللازمة لأحزاب وطنية وبرامج واضحة، فإنّ الحراك المدني، رغم وجوبه، وفاعلية اندفاعه، وصدق معاناته وصبره، وتوالي حضوره بأعداد وافية، يبقى، للأسف، بلا سندٍ ولا ظهير، لهشاشة تركيبته، وسهولة اختراقه وحرفه عن مقاصده، وتنوع أهدافه وبعثرتها.وللأسف أيضاً، لا يستطيع أن يستنبط" بديلاً مؤقتاً" لما يُسمّى دولة( والتعيير لجوزف أبو خليل من كتابه: قصة الموارنة في الحرب).دولة ولو بحد أدنى من شروط قيامها وأوصافها وإمكانياتها، وللأسف، مرة أخرى، ليس في القاموس السياسي بديلاً من هذه"الدولة"، لأنّ مجتمعاً لا ينتظم في دولة هو مجتمع سائب أو تحت الوصاية( وكنّا تحتها لزمن قريب)، أو مُٕعرّض للزوال والانحلال.

 


لذا، ولأسباب أخرى طبعاً لا مجال لذكرها هنا، لبنان أمام خطر انهيار دولته، والأخطر ،أنّ دُويلات جاهزة عندها للانقضاض. فلا يبقى مسيحيّون لتُحفظ حقوقهم، ولا مسلمون بمنأى عن الحركات الأصولية المتطرفة ودمويتها، يستوي في ذلك السّنة والشيعة والدروز، ويذهب العلمانيون واليساريون، وأصحاب النيّات الحسنة تحت سنابك خيل الفوضى المدمرة، والحروب الطائفية والمذهبية المرعبة.