تونس نموذجاً ..

 

إصطف اليساريون التونسيون خلف الإسلاميين أثناء حكم جماعة النهضة الإخوانية وسموا التدابير التي إتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد لحماية التونسيين من فساد سلطة النهضة بالإنقلاب على الديمقراطية واعتبروا أن الجيش قد زجّ به من قبل المتآمرين من صهاينة وفرنسيين للتخلص من جماعة الغنوشي .

 


هذا الموقف ليساريين تونسيين يلامس مواقف يساريين عرب من بقايا التجربة الشيوعية ممن يسهمون إسهاماً كبيراً في مساعدة الإسلاميين وتسديد وصولهم إلى السلطويات العربية أو في مشروعاتهم ( الجهادية ) الموزعة يمنة ويسرة حيث تقتضي الضرورة الدينية التي تتحدّد أولوياتها وفق مزاجية مرشد الجماعة أو أمير من أمراء الدواعش وتنظيم القاعدة وجماعة طالبان وآخرين من جنس الإسلامين السياسي والجهادي .

 

طبعاً تتكرس الذهنية الشيوعية وفق مسوغات غير ماركسية ولا علاقة لها بالماركسية وهذه أزمة التجربة الشيوعية العربية والإسلامية التي إعتمدت أسوأ النماذج السوفياتية وهي الستالينية وهذا ما يجعلها الأكثر شبهاً بالإسلاموية الدموية لذا لا تجد حرجاً في أن تكون رأس حربة في الدفاع عن الإسلاميين في كل أشكال حروبهم المفتوحة على أعداء لا حصر لهم .

 


بعد وصف الستاليين العرب للإسلاميين بالظلاميين لحظة ممارستهم للعنف ضدّ بعضهم البعض ولحظة صعود التيارات الإسلاموية على حساب التيارات العلمنوية بات الإسلاميون أنفسهم رواد التنوير العربي والإسلامي بالنسبة للستالينية العربية كونهم يخوضون معركة مفتوحة مع الإمبريالية الأميركية .

 

ثمّة إنتهازية واضحة لدى بعض المصفقين اليساريين للإسلاميين وهي إنتهازية مبنية على جملة مصالح وخدمات مادية ومعنوية توفرها لهم تنظيمات الإسلامين السياسي والجهادي . وثمّة قلّة قليلة من اليسارية العربية تجد في غيابها حضوراً من خلال نقيضهم الإسلاموي لذا تأتي الحوكمة اليسارية المتطفلة على الإسلاموية رغبة في إستشعار أدوارهم الممنوعة لتحسين شروط قناعاتهم في مرحلة تنعدم فيها رؤاهم وتتلاشى فيها احزابهم ولا إمكانية للبروز إلاّ من خلال التذلل للإسلاميين كي يتمكنوا من المشاركة في السلطة التي لم يصلوا إليه يوماً وهم في عزّ قوتهم وريادة أدوارهم (النضالية ) لذا مالوا كل الميل نحو الإسلاميين في دول صعد فيها الإسلاميون إلى السلطة كي يحظوا من خلالهم بنعمة السلطة .

 

لا تكفي تجربة اليساريين التونسيين في ذلك كمثال على إلتصاق علمانيين بدينيين لأن ديدن اليسارية العربية في نسختها الستالينية تطغى على المشهدين العربي والإسلامي وما تبعية الحزب الشيوعي اللبناني إلا مثالاً تحتذي به أغلبية التجارب اليسارية .