قدم الشعب السريلنكي نموذجاً حيّاً ورائداً في نضاله ضدّ نظام فاسد وأقلية سلطوية مستملكة للدولة ولموارها وخيراتها وهي أقلية تشبه تماماً السلطة المتحكمة في البلاد والعباد عندنا والتي تنعم بممتلكات الدولة بعد أن نهبت ثرواتها وتتقاضى أثمان قيادتها للفساد وإرهاق البلاد وإغراقها بالإفلاس وجعلها دولة مصنفة دولياً من أسوأ الدول في المنظومات الفاسدة دون أن تكترث هذه السلطة لكل مقولات المجتمع الدولي عنها ودون أن تهتم برأي الدول العربية والصديقة والتي تتوسلها لتحسين شروط إقتصاد لبنان المهترىء . ما بين لبنان وسريلانكا أوجه شبه لناحية السلطة وحالة الإفقار وما بيننا وبينها أوجه غير متقاطعة لجهة الشعبين . لأن الشعب السريلنكي غير متخاذل ولا هو أجير عند نخبته السياسية ولا يتعبّد لأحد من الآلهة البشرية وعنده كرامة جعلت منه بطل المرحلة التي تنتشر فيها اللصوص في دول العالم الثالث . كافح السريلنكيون سلطتهم الفاسدة بقوّة وإرادة صلبة أذهلت كل من كان ينظر إلى هذا الشعب كعامل يبيع عرقه كي يعيش وبأي سعر ولأي مشتر ولا علاقة له بالنضال وتحرير نفسه من نير العبودية . تماماً كما كان اللبنانيون يتعاملون مع الخدمة السريلنكية بإنتقاص وخفّة وبعدوة جعلت من كل إمرأة لبنانية بسيطة الدخل تجرّ خلفها خادمة تقلم لها أظافرها وتجعلها تقوم بكل الأعمال سوى الأوامر والصراخ والزعيق الذي هو من إختصاص المرأة اللبنانية . في مقابل الشعب السريلنكي شعب لبناني يحمي فاسديه وسارقيه ويدافع عن ثراء زعمائه وأحزابه ووزرائه ونوابه وبطريقة غرائزية جانحة نحو قتل كل من تسوّل له نفسه الإعتراض على شبل في عائلة النهب الرسمي ولا يسمح بأي موقف من هذا النظام العفن ويعتبره النظام الأسلم في صيغته الطائفية المرضية . ماذا لو( تسركنة ) اللبنانيون ؟ لا يقبل اللبنانيون أن يكونوا سريلانكيين ولا يقارنون أنفسهم بأحد من الشعوب التي تشبهم في أمراضهم السياسية والدينية والإجتماعية والإقتصادية ومازالوا يتعاطون مع فقرهم الحالي بحياة من الرغد فزادت تحركاتهم في وسائل النقل رغم أن سعر تنكة البنزين يساوي راتب مدرّس أو موظف ونمط إستهلاك اللبنانين لم يتغير رغم غول الغلاء فمراكز البيع ممتلئة بجماعات الشراء الفاحش ممن يشترون بضائع غير أساسية وهي مصنفة كمواد للترف حتى مأكولات الحيوانات لا تصمد أمام زبائنها . مازال الخمّار يشتري قنينة سُكره رغم إرتفاع سعرها الجنوني ومازال المتعاطي يشتري سُمه وهو يباع بالغرامات وكذلك المدخنون رغم أن أكثر الناشطين في هذه الحقول هم من الفقراء لا من الأغنياء . لا أحد يمشي في المدن والقرى ولا يستخدم قدماه للوصول إلى جار له أو إلى دكان قريب منه وخاصة ظاهرة النساء الغريبة والعجيبة حيث ينشطن من الصباح وحتى المساء وهن يدرن في سيارتهن وكأن سيارتهن يمشين على الماء لا على البنزين . غرابة لبنانية في كل شي وهذه الغرابة هي التي دفّعتنا أثمان باهظة وكلفة عالية أدّت بلبنان إلى جهنم وهي من تحمي فاسدها وقد جددت لهذا الفساد في إنتخابات أظهرت حجم الفساد المستشري في الشعب اللبناني .