دائماً وأبداً وباستمرار، نُردِّدُ مع رسول الله محمد (ص) ونسبح ونسبِّح في غدير عليٍّ عليه السلام، "من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من ولاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.." نتوزَّع في عينيه ونمضي، كأننا والأمس لحظة في دفتر الزمن، فلا عجب، إن حضرنا الغدير وما غادرناه، وبقينا واقفين على صخرة الولاية وفي ماء الشهادة، فسنستقي ونشرب ماءً معيناً، ونتعلَّم ما علمنا المعلِّم "علي بن أبي طالب" إنَّ العدل دين محمد.! فننحاز إليه، لننعم برحمته، ونقتبس به ما يرشدنا إلى حياةٍ كريمة... عدلك يا عليُّ فوق كلِّ عدل، وعفوك يا عليُّ فوق كلِّ عفو، وكرمك يا عليُّ فوق كلِّ كرم، أولست أنت يا عليُّ صاحب هذا القول الذي يكشف لك يا "موالي" عمق الإيمان والولاء بضرورة رفع الحاجة عن الناس وعن الفهم الصحيح لأحوالهم وأمور عيشهم، فقلت يا عليُّ: "ما ضرب الله عباده بسوطٍ أوجع من الفقر"، لقد أدركت يا عليُّ أنَّ الفقر في المجتمعات يتحدَّى كل فضيلة وموعظة وحكمة، حتى ليغدو الفقر آلة للجحود والكفر والموت الأكبر، فإذا كنتَ يا "موالي" فطناً فطيناً، فإنَّ الفقر يخرس الفطن عند أمير المؤمنين، فإذا كنا نعيش في وطنٍ يريدنا أن نكون متحابين ومحبين لك يا عليُّ، لا أشتاتاً من الناس متباعدين منتافرين متباغضين يشعرون شعور الغريب المستوحش في هذا البلد، فعلى أهل هذا البلد والوطن ألاَّ يدع فقيراً يكابدُ فقراً أو مسكيناً يطلب رغيفاً، فأنت القائل يا عليُّ: " الفقير غريبٌ في بلده". 

 


سيدي يا عليُّ، ما أجمل أن نكون معك وخلفك سيراً على صراطك، ولقد آمنَّا بما آمنت، بأن خدمة الناس دلالة على التقوى، وأن الوقوف في وجه الظالم علامة على قوة الحق فينا. سيدي يا عليُّ، تعلمنا في مدرستك أنَّ الإنسان أخو الإنسان، وأنَّ اللون والشعوب والقبائل صبغة الله وصنعته، كي نتعارف ونبني جسور الصداقة، فنتلاقى على الخير كل الخير.. سيدي يا عليُّ، أنت بحرُ الغدير، لا بقيعة ماء، رسم فيها النبي الأكرم (ص) وجهك لننظر في مرآة صورتك، فيخضرُّ ما حولنا من يبابٍ في قلب، ويباسٍ في تراب، يا عليٌّ يا عليٌّ... فأنت أول المطر وآخر ما رشحت به السماء من نور.