في خضمّ أزمة وطنية خانقة، تُقارب حدود الكارثة المهولة: اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ومعيشياً، يرزح لبنان حالياً في ظلُ حكومة تصريف أعمال يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، لِيُعاد تكليفه منذ أيامٍ بتشكيل حكومة جديدة فاعلة، ذات صلاحيات نافذة، وذلك بانتظار انتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد، وإذ يميل معظم المتابعين للتلاعبات السياسية في شؤون هذا الوطن، إلى انعدام فرصة تأليف حكومة جديدة وإنقاذية، وذلك لأسبابٍ عديدة، لعلّ أبرزها وجود قلم رئيس الجمهورية مرهوناً لدى صهره العزيز جبران باسيل  منذ وقتٍ طويل، اي منذ بداية الإنهيار الشامل قبل حوالي ستّ سنوات، ممّا يعني انّ حكومة تصريف الأعمال، والتي يرأسها الرئيس المُكلف عينُه، اي نجيب ميقاتي، ستواصل تصريف أعمال البلد المُهدّد بالتّفكك والزوال، بعد مغادرة رئيس الجمهورية لموقعه نهاية شهر تشرين الأول القادم.

 


تصريف الأمر، وكما ورد في لسان العرب لإبن منظور هو: ردُّ الشيئ عن وجهه، وصارف نفسه عن الشيئ: صرفها عنه،  وفي قول الله تعالى سأصرفُ عن آياتي: اي أجعل جزاءهم الإضلال عن هداية آياتي، وقال يونس: الصرف: الحيلة، والصرفُ: أن تصرف إنساناً عن وجهٍ يريده، إلى مصرفٍ غير ذلك،  وصرّف الشيئ: أعمله في غير وجه.

 


وخبِرَ اللبنانيون هذه الأيام معنى: صرَف، من كثرة ترددهم على الصرافين بسبب انهيار قيمة العملة الوطنية، والصّرف: فضلُ الدرهم على الدرهم، والدينار على الدينار، لأنّ كلّ واحدٍ منها يُصرف عن قيمة صاحبه، والصّرف: بيع الذهب بالفضة، وهو من ذلك لأنّه ينصرف به من جوهرٍ إلى جوهر   ويكاد أن يُجمل القول بأنّ الصّرف هو: التّقلُّب والحيلة، وقولهم لا يُقبلُ له صرفٌ ولا عدل، الصرفُ هنا هي الحيلة، ومنه قيل: فلانٌ يتصرّف  أي يحتال.
هل يجد اللبنانيون هذه الأيام أفضل من الرئيس نجيب ميقاتي للتصرف بحيلةٍ ولباقة، ألم يُجمع أهل السياسة في لبنان على أنّه أفضل من يُدور الزوايا، ألم يضع يده ذات يومٍ على أموال القروض السكنية المخصّصة لذوي الدخل المحدود، وهو من أصحاب المليارات، أخذها دون وجه صرفٍ أو عدل،  ولله عاقبة الأمور.