ففي حين يتلهى الحزب واجهزته الامنية واعلامه بتخوين اي صوت معارض او مختلف أو حتى مجرد ناقد ومن موقع الحرص، نجده يتساهل الى حدود التماهي مع حلفاء له يجاهرون بالدعوة الى السلام مع العدو والى حق اسرائيل بالعيش بسلام واكثر من هذا وذاك ما حصل في الاونة الاخيرة من تنازل فاضح عن حقل كاريش وثروته المهولة لمصلحة العدو، أمام كل ما تقدم يصبح السؤال المشروع هنا: من يحرسنا من الحرس الثوري ؟!
 
تستعر منذ اشهر عديدة حرب من نوع آخر بين اسرائيل وايران، حرب هادئة بدون ضجيج ولا اعلان، عمادها الاساس هو الضربات الامنية المتبادلة وان كنا نتلمس اثارها اكثر على الساحة الايرانية، فيما الساحة الاسرائيلية محصنة الى حد كبير الا من تصريحات بعض قادة الحرس وفي مقدمتهم اللواء محمد علي جعفري الذي خبرنا عن ضربات موجعة تعرضت لها اسرائيل ولا يمكن الكشف عنها !!! ولا ادري ان كانت هذه الضربات قد وقعت حقا لاسرائيل وان الاخيرة تعرف بها او هي حصرا في مخيلة جعفري فقط. قد يقول قائل ان هذه الحروب الامنية بين "عدوين " هو امر اكثر من طبيعي ومتوقع وليس مستهجنا، وليس هو حدث مستجد في تاريخ العداوات على مر العصور القديمة منها والحديثة، والعارفون بهذا الميدان يعلمون حجم التبادل بالخروقات والضربات الامنية وحرب المخابرات التي كانت سائدة بين اميركا والاتحاد السوفياتي طيلة فترة ما كان يسمى بالحرب الباردة. وبعيدا عن التفوق الملموس ورجاحة ميزان الخروقات لمصلحة الاسرائيلي وهذا ما تؤكده حجم الضربات التي تستهدف العمق الايراني ومواقعها الحيوية والتي لا يكاد يمر يوم الا ونسمع فيه عن اغتيال احد قادة الحرس او تفجير موقع نووي او معامل مهمة فضلا عن اغتيال علماء كبار. اخطر ما بهذا الامر وما يعنينا كلبنانيين في هذا السياق هو ما تم الكشف عنه مؤخرا عن اعتقال قائد حماية الحرس الثوري، الجنرال علي نصيري بتهمة التجسس وهروب اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين في الحرس الى خارج ايران كما افادت قناة اخبارية تابعة للحرس الثوري الايراني، هو دور هذه القيادات العميلة على الساحة اللبنانية، وهل كان لها وظيفة مخابراتية عندنا وبالتالي حجم الخروقات التي قد يكون العدو تسلل اليها في جسم حزب الله ومراكز القرار فيه او مناطق نفوذه. فاذا ما علمنا دور الحرس الثوري وتأثيره في قرار حزب الله، وان الحزب يعتبر نفسه بحسب عقيدته انه جزء لا يتجزأ من تركيبة الحرس وان الاوامر الصادرة اليه عنه، هي بمثابة اوامر الهية بحسب نظرية ولاية الفقيه، ندرك حينئذ ان فظاعة ان يكون احد كبار القادة هو مجرد جاسوس اسرائيلي، واكثر ما نخشاه هنا أن يكون " حزب المقاومة " ينفذ من حيث لا يدري اوامر اسرائيلية تصدر عن هؤلاء الجواسيس بالاخص في ادائه السياسي وتحالفاته التي طلما رسمنا حولها الكثير من علامات الاستفهام والتي اثبتت الايام انها لا تصب الا في مصلحة العدو وخدمة اهدافه المعروفة بتدمير لبنان واخذه الى الانهيار الذي نحن فيه. ففي حين يتلهى الحزب واجهزته الامنية واعلامه بتخوين اي صوت معارض او مختلف أو حتى مجرد ناقد ومن موقع الحرص، نجده يتساهل الى حدود التماهي مع حلفاء له يجاهرون بالدعوة الى السلام مع العدو والى حق اسرائيل بالعيش بسلام واكثر من هذا وذاك ما حصل في الاونة الاخيرة من تنازل فاضح عن حقل كاريش وثروته المهولة لمصلحة العدو، أمام كل ما تقدم يصبح السؤال المشروع هنا: من يحرسنا من الحرس الثوري ؟!