كانت بداية حكم المستنصر بالله الفاطمي رغدة إلى أن دبّ فيها الفساد وسادت فيها الفوضى وجاء نقصان منسوب مياه النيل ليزيد بلة بعد أن كثر تكرار النقصان فأدّى إلى كارثة كبرى حملت في أحشائها مجاعة مرعبة امتدت لسبع سنوات متصلة وعرفت هذا المجاعة بالشدّة المستنصرية وقد أفاض المؤرخون في توصيف ما أصاب الناس من جرّاء هذه المجاعة من تعذر في وجود القوت إلى غلاء الأسعار بحيث بيع الرغيف الواحد بخمسة عشرة ديناراً وكان من نتائجها المذهلة اضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط بل بعض المؤرخين قالوا بأكل الناس لجثث من مات منهم وقد صاحب هذه المجاعة انتشار كثيف للأوبئة والأمراض وهذا ما فتّت من بنية الدولة الفاطمية من صقلية الى بغداد الى طرابلس . بعد خراب الدولة استعاد المستنصر بالله الفاطمي مجد الدولة من خلال الإستعانة ببدر المجالي أحد ولاته حيث قاد جنده للقضاء على الفساد واستعادة الأمن من الفوضى وبذر بذرة الأصلاح الزراعي والتجاري ويسّر أمور الناس في أوضاعهم وأعمالهم التي كانت منهوبة بفعل وزراء المستنصر ومساعدية وتدخل نسائه في أمورالدولة . مات المستنصر بالله الفاطمي بعد أن حكم لمدّة ستين سنة وهذه فترة لم تصح لأحد من خلفاء المسلمين حتى للنبي الأكرم اذ ان فترات حكم من تناوب على خلافة المسلمين لم تدم طويلاً كما دامت للمستنصر بالله الفاطمي . كانت بداية حكم الرئيس نبيه بري مشبعة بالنهوض والعمران بحيث تمكّن من القضاء على الحرمان في الجنوب في ظل انتعاش مالي لا مثيل له وتنامت سريعاً طائفة قهرت فقرها بغنىً فاحش وباتت أسواقها من أقوى الأسواق وبلغت مبلغ النجاح السريع في الأعمال الحرّة داخلياً وفي الإغتراب بكل مداه ورافق ذلك نمواً هائلاً في التعلُم والتعليم وفي الإختصاصات كافة بحيث ارتفعت الطائفة الى أعلى مستويات الطوائف تقدماً بعد أن كانت في قعر الإنحطاط . ما أصاب المستنصر بالله أصاب الرئيس بري من نقصان لا في منسوب الليطاني بل في التعدي عليه وعلى الحياة فكثرت سياسات الموت في السياسة والتجارة والصناعة والزراعة الأمر الذي سبّب كوارث صحية وبيئية واقتصادية وما أدّى ذلك إلى إفقار الدولة وسحق الطبقة الوسطى التي انتعشت وازدهرت أبّان تجربة بري الأولى في السلطة وكانت خاتمة الرحلة المشؤومة للأزمتين السياسية والإقتصادية فلتان في الإسعار وارتفاع مجنون للدولار في ظل سكوت سياسي كاف لإدانة العاملين في الدولة من موقع القيادة لها وتحميلهم مسؤولية وصول لبنان إلى جهنم . ما حاوله المستنصر بالله لإستعادة مجد الدولة الإعتماد على اليد النظيفة لتنظيف أوساخ الفاسدين وكان ما كان من عودة ميمونة نجّت البلاد والعباد من نار مشعلين الأزمات ليستريح المستنصربالله بعد ستين سنة من الحكم على عرش الإطمئنان على الفاطمية والفاطميين بعد أن سوّدت حكمه بطانة البلاط