ما يدور الآن... من سجالات، حول ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يستغرق وقت الناس وطاقاتهم في معظم أقطار العالم العربي والإسلامي، حول لقمة العيش، وسدَّ ضروريات الحياة المعيشية، حتى رغيف الخبز، الذي يوقظ المواجع كلها، ويفتح زكيبة كبيرة من الأسئلة المزمنة والقديمة، ما قبل الولادة وإلى ما بعد الوفاة، لهي أشبه بكيس الثعابين السَّامة والقاتلة والمميتة في غرف سوادء مظلمة. في لبنان، الأوضاع آيلة إلى السقوط والإنجرار نحو الهاوية والخراب، والمواطنون يشتبكون في طوابير الطحين فضلاً عن طوابير المياه ومحطات المحروقات والغاز، وطوابير النغم الطائفي البغيض، ومع هذا كله، ناسيين أن هناك من يتربص بمصيرنا بانتظار الغيبوبة التي تتيح لهم افتراسنا على مهل، في لبنان الأخضر، العائم على المياه والغاز والنفط، أصبحنا نطلب ضرورة الرغيف لنبقى نتنفَّس هواءً بدلاً من المطالبة بهواء الحرية، فإذا كان الرغيف هو الضرورة ، كان الورد هو الحرية، لكن الناس في لبنان لا يطبخون الورد طعاماً أو يعجنونه رغيفاً، ما دامت الحياة قد ضاقت حتى أصبحت ثقب إبرة، أضافت إليها الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان منذ قيامه وإلى اليوم، والمتحالفة مع الفساد الاقتصادي الذي لا يمكن تسديده ما دامت الشايلوكية متحكمة في هذه المنطقة، فإذاً من هي هذه الشايلوكية، أو المنهج الشايلوكي، هو نسبة إلى شايلوك التاجر اليهودي المرابي والجشع واللئيم الذي يعبد المال والربا وتجارة البشر والحجر، هو النهم الذي لا يشبع، والتاجر الذي يقدِّس المال والذهب والفضة، ولو أدى إلى تجويع الناس وسحقهم، وهو الشايلوكي الذي لا يملك إلا قلباً متحجراً، لا يقلقه أنين طفل، أو دمعة امرأة مألومة، أو أرملة ثكلى، أو تجعيدة رجلٍ مسن، كل غايته العفنة أن يحتال ويحصل بكل الأساليب القذرة، حتى يقتطع أرطالاً من لحوم البشر، وقد أرانا الله سبحانه وتعالى ذلك عن أصحاب السبت التي ذكرها القرآن الكريم. وأما.. لماذا، وكيف، تحوَّل الوضع في لبنان إلى هذه الكارثة، فهذا لا يحتاج إلى عبقرية قوية وفذَّة، فالأسباب ليست غامضة ولا تحتاج إلى حفريات داخل جوف البحار والأرضين، فهي ملقاة على أرصفة التاريخ وتاريخ هذا البلد.