الانتصار الحقيقي اليوم هو إنقاذ البلد بالذهاب إلى وضع الخلافات السياسية والاحجام الإنتخابية جانبا، وبالذهاب إلى وضع خطة إنقاذ عاجلة قبل ان نخسر البلد ونخسر معه انتصاراتنا وتضحياتنا.
 
إثنان وعشرون عاما على إنسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية في ٢٥ أيار عام ٢٠٠٠ ولا شك أن هذا الانسحاب المخزي للعدو شكل انتصار كبيرا للبنان والمقاومة ولكل الشعب اللبناني، وكان هذا اليوم يستحق ان يكون يوما وطنيا في رزنامة المناسبات اللبنانية، ويستحق أن يبقى في ذاكرة اللبنانيين كمناسبة تعبر عن ضرورة استمرار فكرة المقاومة ضد الإحتلال الاسرائيلي والتهديدات الإسرائيلية حصرا. اليوم يحتفل اللبنانيون بهذا الإنتصار وبالإنجاز التاريخي للمقاومة على وقع الازمات اللبنانية المتراكمة بل على وقع الإنهيار المريع للبلد بأكمله حتى يصحّ قول البعض أين نحن كلبنانيين وأين لبنان كله في احتفالات الانتصار اليوم؟ المزاج اللبناني الشعبي والسياسي اليوم ينظر بعين الحسرة إلى ما وصل إليه البلد وباتت احتفالات الانتصار وكل المناسبات الوطنية بلا معنى، وبات الهمّ الوحيد إنقاذ البلد وأن يكون هذا عنوان المرحلة فلا بد من تخطي البعد السياسي للإحتفالات والذهاب إلى إعلان الاستنفار الوطني لوضع حد للإنهيار والذهاب إلى خطة إنقاذ عاجلة عندها فقط يكون الانتصار الكبير للبنان والوطن والشعب. عندما يكون البلد كله في غرفة العناية الفائقة تصبح المهمة الاولى هي الذهاب للإنقاذ والتصدي للإنهيار بعيدا عن المصالح والمكتسبات الحزبية الضيقة، والجميع معنيون بوضع خلافاتهم جانبا ووضع خياراتهم السياسية جانبا والذهاب لإنقاذ البلد او على الأقل وقف هذا الإنهيار. إن كان لبنان يستحق الشهادة من أجل تحريره من العدو الإسرائيلي والتضحية وبذل الدماء في سبيل هذا التحرير فإن لبنان اليوم يستحق بذل المزيد من التضحيات والتنازلات التي تحافظ على ما تبقى من هذا الوطن، التنازلات التي تحمي وتبني بمعناها الوطني، بمعناها الذي يجب أن يكون للبنان ومن أجل لبنان ولمصلحة لبنان وهذا الإنتصار الحقيقي وهذا هو التحدي الحقيقي. الانتصار الحقيقي اليوم هو إنقاذ البلد بالذهاب إلى وضع الخلافات السياسية والاحجام الإنتخابية جانبا، وبالذهاب إلى وضع خطة إنقاذ عاجلة قبل ان نخسر البلد ونخسر معه انتصاراتنا وتضحياتنا.