سجن الرئيس بشارة الخوري الدكتور سليم موسى العشي ومن ثمّ طرده من لبنان بعد أن جرده من جنسيته اللبنانية فما هي الأسباب التي دفعت برئيس الجمهورية إلى ذلك ؟ ثمّة روايات عديدة تتحدّث عن الدكتور المذكور كخارق للطبيعة والناموس منذ شبابه المبكر وهو من مواليد بيت لحم عام 1909ومن الطائفة السريانية وعندما بلغ العشرين من عمره بادر سليم إلى تغيير اسمه مختاراً (داهش) وهو لقب أطلقه عليه أحد الصحافيين لأن أعماله الخارقة للطبيعة قد أدهشت الفرنسيين واللبنانيين على حد سواء اذ انه طلب من الفرنسيين في لقاء معه على إنزاله بحر السين في صندوق حديدي ومن ثمّ رفعه بعد عدّة أيّام ليتبيّن لهم بعد ذلك سلامة كاملة وقد تبسّم لهم بعد فتح الصندوق. وفي لبنان جعل من الخشب ذهباً ومن الليرة و الأوراق دولارات إضافة إلى قصّة أسطورية مفادها : أن الدكتور داهش قد قصد صالوناً للحلاقة فوجده مكتظاً بالزبائن فطلب من الحلاق أن يحلق له فقال له عُد بعد ساعة أو ساعتين فعمد داهش إلى فصل رأسه عن جسده وأعطاه للحلاق كي يقوم بقصّ شعره على أن يعود لأخذه بعد ساعتين. مع هذه الروايات وغيرها تحوّل بيت الدكتور داهش في زقاق البلاط إلى مزار للتبرّك من روحاني متجاوز لقوانيين الطبيعة وأصبح له من المؤيدين كثرة عُرفت بالداهشية وهذا ما دفع بالرئيس بشارة الخوري إلى إنهاء الظاهرة الداهشية بطرد داهشها من البلاد ليموت بعد ذلك في إحدى مستشفيات أميركا . هذا الموجز الإخباري عن شخصية داهشة لبعض اللبنانين ليست إستثناءًا بقدر ما هي ظاهرة لبنانية متضخمة وممتلئة بوجوه متعددة في كثير من رجال الدين والسياسة وقد تجلت أكثر وبرزت مباشرة في سمات الطبقة السياسية السائدة منذ اتفاق الطائف وحتى اللحظة وهذه الطبقة أدهشت العالم ولم تُدهش اللبنانيين فقط وهي تملك من الأعمال الخارقة ما تجعل لا من داهش السرياني بل من جميع الخارقين عبر التاريج مجرد تلاميذ في هذه الصنعة سواء بخرق القوانيين الطبيعية والوضعية أو من خلال التأسيس لداهشيات لا تتبرّك فقط من أحجار بيوت وقصور الداهشيين الجُدُد بل هي على استعداد تام للقتل والموت والفقر والجوع دفاعاً عن أي داهشي سياسي كان أو ديني . ما صنعته الطبقة السياسية الداهشية أكثر بكثير مما صنعه الداهشي سليم خذ مثلاً: تحويل النفايات إلى دولارات والزفت الأسود إلى أصوات إنتخابية والمال العام إلى حسابات خاصة والمؤسسات الرسمية إلى دكاكيين حزبية وطائفية ومنازل للعائلات والكهربا الى باخرة والأنهار الى صرف صحي والإستقرار الى فوضى والذهب الى تنك والليرة الى ورقة تلينكس للحمامات ولبنان الأخضر إلى يباس أصفر . لو أردنا أن نزيد لما توقفت الزيادة عند نقصان واحد في شيء من الأشياء التي برع بها دواهش لبنان من سياسيين ودينيين على اختلاف مواقعهم وأدوارهم وكانت لائحة الدهشة طويلة وما بين داهش الأمس وداهش اليوم رئيس نأمل عودته كيّ يطرد داهش اليوم إلى خارج البلاد لوضع حدّ للظواهر الخارقة في كل شيء .