مظفَّر ومعطَّر برائحة النخيل.. وما أنبته نيل الفرات من عشب الورد وزهر الدفلى، أنت مظفَّرٌ وشريك نخل العراق ونخيلها، تعرف سرَّ التمر والجمر، واسمها ودليلها ورزنامة مواعيدها، حتى أطلتَ السهر مع الدفتر، وأشبعتها شعراً، إنها القصيدة التي تنتظر شهر الولادة بفارغ الصبر، وعلى أحرِّ من الجمر، تختارُ له إسماً من أسماء الأنبياء والثوَّار، وتخيط ثوباً من شعرها، وشعر الثورة، وتحاول أن تفي بالنذور، وتُوزِّع البخور على المقابر، وبعضاً من الأدعية والأذكار.. فكلما أحسَّت بقرب الولادة، بذلت نفسها لأعمال الخير، وسَعَت بين المقامات، زارعةً أقدامها في طرقات الأولياء، حتى جاءها المخاض، وهي تحت فيء نخلة، والسعافات تغطي دنس الولادة، وحبل الصُرَّة، وخيط البكارة.... بقيتَ.... وبقيت الأوسمة معلَّقة على صدر التراب، والتي جمعتها في كيس السوق، والأسواق العربية، ولم يشترها أحدٌ من تجَّار الخردة.... بقيتَ... ويقي المِعْوَل والمِنجل.. ففي كل ضربةٍ من معولك، ظهرت قصيدة، وفي كل رنَّةٍ من منجلك، بانت قصيدة، وفي كل ساق سنبلة قمحٍ، لاح لحن الحرية، ودعاء الشكر، وترنيمة صلاة.... دونك الشعرُ مَزِقٌ... مُتَّ، وبقيت كسرة خبزٍ على طاولة الأوراق، والحبر، والدوريُّ على الشّبَّاك ينتظر كبوة القلم، فينام الفقر خجلاً من غنى الطير... دمعة على الأدب والشعر والقصيدة