مع ولادة التيار الوطني الحرّ وبروز شخصية جبران باسيل كمستملك للتيّار ومن ثمّ كجامح للسلطة وكمنافح للغبن الطائفي الذي أصاب الموارنة بعيد اتفاق الطائف وبلوغه درجة من الإستعلاء السياسي بعيد إتفاق مار مخايل وتحصيل رخصة السلاح الحليف بوجه خصومه المسيحيين وما حقق له الشعور الطائفي الماروني من مكاسب انتخابية زاد من هذه الدرجة درجات أخرى جعلت منه الحاكم بأمر لبنان بعد أن رضخ له الرئيس سعد الحريري ولولا معارضة الرئيس بري للتيّار العوني لبقي جبران الحاكم الفعلي بفعل إبتزازه المُتقن لشرعية سلاح حزب الله . سيطر باسيل على أكثر الوزارت في الحكومات التي لم يترأسها سعد الحريري وغيره بل ترأسها باسيل بفعل مصدر القوّة وبات بعد وصول الجنرال إلى الرئاسة سيّد القصرين ولم يتمكن من إحتلال القصر الثالث رغم حروبه المتكررة على الرئيس بري. جاءت الثورة كي تعيد تصغير حجم صورّة التيّار من خلال باسيل المسؤول الأوّل عن وصول لبنان إلى جهنم وهذا ما أعاد دور التيّار إلى الوراء بعد أن كان متقدماً على الجميع وبلوغه منتهى طموحاته بسرعة الصوت وهذا ما لم يحصل مع أيّ جهة سياسية لبنانية اذ ان الرئيس بري قد وصل إلى رئاسة المجلس بعيد جهاد مديد لحركة أمل وكذلك حال القوى السياسية الأخرى . استجاب الخارج والداخل إلى ضرورة نفيّ الفاسدين عن الحكومة ورضخت قوى السلطة لمتطلبات الثورة وتشكلت حكومتان من أسوأ ما يكون بتأييد فرنسي ورضا أميركي وبصناعة محلية لبضاعة حزبية رديئة وبذلك أسكتوا أصوات المعارضة وشتتوا إنتباهها إلى إستحقاق نيابي قادم من شأنه أن يعيد تركيب السلطة وفق توازنات جديدة . مع الضغط الدولي رضخت السلطة للزوم إجراء انتخابات نيابية وعدم تطير موعدها بحجج كثيرة وبإفتعالات متعددة وسهلة على السلطة وحسمت أمرها بجمع حشودها لخوض معركة داخلية ذات رسالة خارجية فكانت لوائح قوى السلطة قائمة على ركيزتين أولها حزب الله الذي يخوض أمّ معاركه ليثبت ولاء اللبنانيين له وبقاء السلطة على ماهي عليه في الرئاسات الثلاثة وكانت الركيزة الثانية جبرانية ساعية لحصد أكثرية نيابية مسيحية لتأكيد قيادة التيّار للشارع المسيحي وما يترتب على ذلك من مكاسب حصرية في الرئاسة و الوزارات . تفكك أحلاف المعارضة ضاعف من فرص السلطة ومن إبقاء الأوضاع على ما هي عليه دون تغيير يُذكر كما أن استخدام أدوات السلطة لصالح أحزاب السلطة مؤشر واضح على نتائج الإنتخابات وما الإعتداءات على مرشحين لا يملكون وسيلة للدفاع عن أنفسهم في ظل صمم مزمن للمعنيين في الدفاع عن المعتدى عليهم إلاّ نظرة خاسرة أيضاً مقابل باسيل الذي توفر له حماية سماوية وأرضية كفيلة بإيصاله إلى طموحه دون إنتظار نتائج أيّار .