يعتقد الكثيرون هذه الأيام أنّ مصائبنا في العالم العربي مُستوردة. ونحن منها براء، فهي إمّا وفدت من إيران مع المذهبية، او غذّتها تركيا بمصالحها الخاصة، او أضرمت نارها اميركا مع الغرب الأوروبي، أو فاقمت أزماتها المستعصية اعتداءات إسرائيل المتواصلة، ثم أصبح لروسيا وأعوانها دورٌ ما في تأجيج الكوارث التي يعانيها هذا العالم. إلا أنّ هذا، وعلى الرغم من دوره الهام في تمزُّق العالم العربي، يبقى العاملُ الحاسم داخليّاً، فكم من المفكرين الكبار، والفنانين، والكُتّاب "المبدعين"! والزعماء المُتّبعين "المنتصرين"، والأبطال "المناضلين"، والعلماء العابدين، وأصحاب العمائم ،وحمَلة الدرجات العلمية ،والمحلّلين السياسيّين، والأمناء العامّين ،والإعلاميين المأجورين، الذين انخرطوا في تيارات فاشية، وأيدوا أحزاباً ضالّة، والتحقوا بمذاهب باطلة، وعلّموا ونشروا معارف خاطئة، وزرعوا الفُرقة والجهل والتعصب في أرجاء الوطن العربي، وأدخلونا في هذه المتاهة، وهذه الإنقسامات، وهذه الحروب التي تتناسل من بعضها، فتأكل الاخضر واليابس، وتزهق الارواح، وتزيل معالم الحضارة، وتبدد الثروات، وتقود الى عالم مجهول، لا يبقي ولا يذر.