لم يكن التّعصّب في يومٍ من الايام سجيّةً من سجايا شيعة لبنان، ولا التطرّف والغُلُو من مبادئهم وطباعهم، فما يتعرّضون له هذه الايام طارئٌ وغريب عن بيئتهم وتقاليدهم وثقافتهم، وهذا لايعني أنّهم بخير، فما يتعرّضون له هذه الأيام من اجتياحٍ لتقاليدهم وأعرافهم ومعتقداتهم، بالإضافة الى المغريات المادية، والتلاعب بعواطفهم، قد أدّى الى تغييراتٍ بنيوية في المجتمع والأسرة وفي المنظومة الدينية التي تشكّل اللُّحمة الروحية لأبناء الطائفة. فشيعةُ لبنان، وجبل عامل خاصةً، يمتازون بالورع الهادئ، مع مسحةٍ إنسانية،تسمح بالحديث عن "إنسية دينية" يمتازون بها. وتتميز بالخضوع المطمئِن لله، وبالتعلُّق المستمر به.كما تتميز بالخشية في العمل والتصوُّر، وبالرغبة في الإمّحاء والتّلاشي(اي امّحاء الذات)، بانتظار مجيئ عهد العدالة اﻷلهية التي لا تُردّ. ولكنّها تتميز أيضا بتلك العاطفة المُقوّية للمعنويات، والتي يمتلكها كلّ مؤمن، هذه العاطفة التي تجعله يعتقد بأنّه محسوبٌ في عداد المخلوقات ذات الحظوة، اي في عداد الناجين.ولا أعتقد أنهم فقدوا مميزاتهم هذه، وإن أصابتها ندوبٌ أو قروح، فلا بد من استعادة عافيتهم طال الزمنُ او قصُر.