عام ١٩٩٦ جرت انتخاباتٌ نيابية في لبنان، وفي مُستهلّها فشل مرشّح حزب الله في الإحتفاظ بمقعده النيابي في دائرة بيروت الثانية، فحمّل الحزب يومها مسؤولية هذا الفشل لترويكا الحكم، وفي مقدمتها الرئيس نبيه بري، فظهرت تباشير مواجهة انتخابية في الجنوب والبقاع، بين حركة أمل برئاسة بري، وحزب الله بقيادة أمينه العام السيد حسن نصرالله، وبدأ كلُّ فريقٍ يُعِدّ العدّة لذلك، عندها تدخّل الوصيُّ السوري اتّجاه "القاصِرَين": الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، فاستدعاهما غازي كنعان (أو رستم غزالي لا فرق) إلى لقائه في عنجر( المقرّ الرسمي لرئيس جهاز الأمن والإستطلاع في القوات السورية)، فنال كلٍّ منهما ما يلزم من التوبيخ والتّقريع، والوعظ والنُّصح والإرشاد، ومن ثمّ دعاهما اللواء كنعان للعودة إلى بيت الطاعة، وتشكيل لوائح انتخابية مُوحّدة في الجنوب والبقاع، فأبدى حزب الله بعض الغنج والدلال( مع الإمتثال للإرادة السورية السامية)، وطالب بزيادة حُصّته الإنتخابيّة، ففاضت الشهامة العربية ومعها الكرمُ الحاتمي، فعرض كنعان على الحزب أخذ مقعده النيابي المُخصّص لحزب البعث العربي الاشتراكي في دائرة حاصبيا-مرجعيون، وتمّت التّضحية بالوزير والنائب السابق عبدالله الأمين، وحيث أنّه لم يكن لحزب الله مرشّحاً في تلك الدائرة( مع انتهاء مهلة الترشيح)، فاستعان الحزب بمُرشّحٍ مغمور، يدعى نزيه منصور، وهكذا كان، فحصد هذا المرشح، الذي كان قد حصل في دورة انتخابات عام ١٩٩٢ على حوالي ثلاثة آلاف صوت، ما يزيد على مائة وستين ألف صوت، مُتجاوزاً الرئيس بري ذاته. ما أشبه الليلة بالبارحة، فمع تباشير احتدام الصراع والخلاف بين حليفَي حزب الله، الوزير السابق جبران باسيل والوزير السابق سليمان فرنجية، وخروج هذا الصراع عن حدّه، حتى بات مُقلقاً للوصيّ الإيراني في ضاحية بيروت الجنوبية، فاستدعاهما قبل يومين السيد حسن نصر الله إلى لقاءٍ "رمضانيّ"، لنبذ الأحقاد والضغائن، وتصفية القلوب، وتوحيد الصّف، فوضعُ تيار المقاومة والممانعة حرجٌ إلى حدٍّ ما هذه الأيام، وهذا يستوجب رصّ الصفوف بوجه "السّياديّين" المعترضين على الهيمنة الإيرانية على لبنان، وفي مقدمتهم حزب القوات اللبنانية بقيادة "المارق" سمير جعجع، أمّا الجائزة الكبرى( رئاسة الجمهورية) فتنتظر، وهي ما زالت في عالم الغيب، وتتبعها طبعاً جوائز ترضية لمن يسمع الكلمة ويهتدي سواء السبيل، ويدفع الجِزية عن يدٍ وهو صاغر، ولا يبقى أمام موارنة لبنان سوى الإستغفار، والإبتهال لشفيع الطائفة القديس مار مارون كي يُزيل هذه الغمّة، ويرفع حال الذّلّ والهوان عن كاهل هذه الأمّة