وضع دولة الرئيس نبيه بري نفسه في دائرة المنافسة مع خصوم غير منافسين ومدعومين بشنطات من دولارات السفارات لإسقاط حركة أمل وهذا ما جعل المرشحين فائزين اذا ما كانوا خصوماً لبري وبقادرين على كسر حركة لا تُكسر. في موقفه هذا ضعف اصطنعه بنفسه وهو القويّ الذي لا ينافس لأن المنافس الفعلي غير متوفر ولا توجد خصومة لبنانية فعلية للرئيس بري بل هناك عداوة كامنه له على ألسن وفي قلوب حلفائه اذ ان هناك من ينتظر وراثته بفارغ الصبر وهناك من أعلن منهم وبشكل مباشر حرباً ضروساً عليه وغيرالحلفاء الخلفاء لم يعلن أحد عداوة أو خصومة بل إن غير حلفائه لا يذكرون الرئيس بري بسوء في كل خطاباتهم الإنتخابية ولا يحرضون عليه ولا يعتبرونه مشكلة المشاكل وحامياً أساسياً للفساد وهنا أشير الى القوى الوازنة لا الى أفراد يظنون بأن في شتم الكبار كبرٌ لهم . لذا لا مبرر لموقف الرئيس بري من مرشحين لايستطيعون الوصول من صور الى الزهراني ذهاباً وإياباً فكيف بإمكانهم الوصول الى المجلس النيابي ؟ ولا داعي لاتهامهم بالسفارات وبالدولارات للتشويه أو للتعريض أو للتخوين أو للتخويف فهو بغنى عن ذلك ولا ضرورة لنزوله الشارع فالجنوب معه والجنوبيون أوفياء له ولا مجال عندهم لغيره ناهيك عن خصم من صنع الوهم وهو افتراضي من قبل حلفائه لأن هناك من لا يرى مبرراً لوجوده بدون أعداء فاذا لم تتوفرعداوة يتم صنعها وهذا مايحصل أقلّه في الوسط الشيعي اذ تنعدم رائحة الإختلاف مع الثنائي حتى في الوسط اللبناني هناك نتيجة انتخابية ستكون مكررة لأحزاب الطبقة السياسية التي تتحاصص البلاد والعباد منذ الطائف . لا أعرف دوافع الرئيس المضمرة ولكن أعرف أن هناك تراجعاً كبيراً يبرز في مواقف دولته وهذا ما كرّس سلبية ما تتضاعف في كل مرة لتسهم في خلق مناخ غير بيئي في حين أن البيئة الداخلية هي التي تحتاج الى تنظيف ما لتنقية أجوائها وهذا ما يستدعي أن يصبّ الرئيس غضبه على المخطئين في صفوفه بدلاً من صبّ جام غضبه على مرشحين لاحول ولا صوت لهم . يبدو أن السياسة المعتمدة لتحفيز الناخب الشيعي تعتمد على إثارة الخطورة من الهوية الى الوجود وهذا ديدن التجربة الشيعية وهي تتكرّس عند كل استحقاق وتبرز بحدة عنيفة ومرعبة ومخيفة وسرعان ما تنتهي بنهاية الإستحقاق ويتم تنفيس احتقاناتها بأصغر دبوس سياسي . طبعا من الصعب توريط الرئيس بري في مندوحة البكاء التاريخي وليس من السهل عليه أن يتخلى أيضاً عن التزاماتها لأكثر من سبب وهذا ما يدفع الى المجاراة في الخطاب السياسي المعتمد حتى لا يتهم في الخروج عنه وعليه ومع ذلك ثمّة إخفاقات كثيرة تحتاج الى نصح سياسي غير متوفر لسببين لعدم توفر الناصح ولعدم حاجة المنصوح الى النصح أصلاً