استقر المشهد الانتخابي على عزوف نادي رؤساء الحكومات السابقين، ما يضع الاستحقاق بمجمله أمام عقبات جدية خوفا من مقاطعة شعبية محتملة. هذا الأمر يتطلب حكما مقاربة جدية ومعالجة سياسية نظرا لحساسية القضية في بعدها الوطني وبما يتصل بالتوازن داخل السلطات الدستورية. في هذا السياق أطلق الأمين العام لحزب لله حسن نصرالله صافرة المعركة الانتخابية، تزامنا مع إغلاق باب الترشيحات الذي سجل مشاركة قياسية لم يعهدها لبنان منذ ستينات القرن الماضي . وتعكس الانتخابات النيابية التي ستجرى بعد نحو شهرين، أهمية استثنائية بالنسبة إلى حزب الله وحلفائه باعتبارها محدداً رئيسيا لخارطة توزيع السلطة السياسية في لبنان خلال السنوات الأربع المقبلة ويخشى الحزب وحلفاؤه من حركة أمل والتيار الوطني الحر تعرضهم لانتكاسة انتخابية، تفقدهم السيطرة على مفاصل القرار السياسي على ضوء تراجع شعبيتهم إلى حدود دنيا بسبب ما خلفته سياسة الثلاثي ولاسيما حزب الله والتيار الوطني الحر من أزمة لم يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية، ودفعت بغالبية اللبنانيين إلى حافة الفقر. وقال نصرالله في لقاء داخلي لكوادر الحزب إن معركتنا في الانتخابات المقبلة هي معركة حلفائنا وسنعمل لمرشحي حلفائنا كما نعمل لمرشحينا . واعتبر أن التجربة علّمتهم أنه لا يمكن أن نغيب عن أي حكومة في لبنان، لذلك، فإن وجودنا في الحكومة والمجلس ضرورة لحماية المقاومة حتى ولو كنا في حكومة فيها خصوم ورئيس خصم، وحتى لو تعرضنا لاتهامات بوجودنا مع فاسدين . ولذلك، يجب شحذ الهمم وعدم الاستهتار واعتبار المعركة تحصيل حاصل، والبقاء حذرين حتى إعلان النتائج، والتعاطي بجدية مع الاستحقاق. هذه المعركة أساسية ككل المعارك التي خضناها . وستخاض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في منتصف شهر ايار المقبل دون الزعامات والقيادات السنية الوازنة بعد عزوف كل من سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة عن المشاركة وسط ترجيحات بأن تشهد الساحة السنية صراعا قويا بين القوى المتنافسة في الاستحقاق. ودعا نصرالله إلى ضرورة العمل على رفع نسبة التصويت ولو اقتضى الأمر إلى زيارة الناس في المنازل وعدم الاكتفاء باللقاءات العامة. وأضاف إن الهدف ليس فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كل الدوائر. نريد أن ينجح كل الحلفاء معنا لأن المعركة اليوم ليست ضد الحزب فقط، بل لأخذ حصص من الحلفاء، لذلك العمل يجب أن يكون للحلفاء كما نعمل لأنفسنا. علينا أن ننجح كل نوابنا وكل حلفائنا. وحتى لو كان هناك مرشح عليه نقاط هدفنا أن ننجحه وتعكس تصريحات حزب الله مخاوف من انحسار لحليفه التيار الوطني الحر، في ظل صعود كبير في شعبية حزب القوات للبنانية الذي يعد أحد أبرز خصوم حزب المارونيين، والذي من المتوقع أن يحقق مفاجأة في الاستحقاق المقبل . وبعد اغلاق باب الترشيح للانتخابات إذ بلغ إجمالي عدد المرشحين 1043 مرشحا في جميع الدوائر الانتخابية، بينهم 155 امرأة بنسبة ترشيح نسائي بلغت نحو 15 في المئة . وهناك ثلاثة أسباب لزيادة عدد المرشحين هذا العام، وهي وضوح الرؤية السياسية حيال لوائح الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وإمكانية إقامة تحالفات انتخابية، إلى جانب توفّر التمويل للمرشحين المستقلين والممثلين لمنظمات المجتمع المدني. ان عدد المرشحين ارتفع بسبب إقبال مرشحي المجتمع المدني، لاسيما أن الأحزاب اللبنانية أعلنت مرشحيها وتحالفاتها، بعكس غالبية منظمات المجتمع المدني التي لم تعلن عن تحالفاتها . وفي مقابل طفرة عدد المرشحين يرجح البعض أن تواجه الانتخابات سلاح المقاطعة من قبل شريحة واسعة من الناخبين اللبنانيون هذا العام منشغلون بتأمين احتياجاتهم الأساسية، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وندرة في فرص العمل وشح في الوقود والسلع والمنتجات الأساسية. الانتخابات المقبلة لن تشهد إقبالا كبيرا، وسيكون حجم المشاركة السياسية أقل من انتخابات عام 2018 والتي بلغت نسبة المشاركة فيها 48 في المئة وفي الخلاصة تتقاطع المعلومات، عند نقطة اساسية تتعلق بحزم سعودي تجاه القرار بعدم الغوص في المستنقع اللبناني، و البقاء على برنامج لدعم الشعب اللبناني خارج المؤسسات الرسمية ، خصوصا بأن ما تسرب من نقاشات حصلت في باريس مع مسؤولين سعوديين لم تسفر عن نتائج إيجابية ، بقدر ما وضعت الطامحين أمام تحديات قاسية. في ضوء ذلك، تفيد مصادر سياسية بأن المعالجات المحتملة تتراوح بين رعاية تحالفات انتخابية تفضي إلى إستنهاض سياسي لأجل تأمين إقبال سني على صناديق الاقتراع، على أن هذا الموضوع يفترض وجود تفاهمات بين القوى الاساسية في الطائفة السنية ، ضمن الفترة الفاصلة حتى موعد فتح صناديق الاقتراع إزاء هذا الواقع، تبدي جهات سياسية مخاوف جدية حيال الفترة المقبلة، خصوصا في ضوء الأوضاع المضطربة في العالم العربي بشكل عام ولبنان بشكل خاص، لذلك تبرز افكار متعلقة برعاية حوار وطني يعقب الانتخابات النيابية منعا لأي خلل في صيغة النظام السياسي.