على ما تؤشر الاجواء المحيطة بالاشتباك القضائي - المصرفي، فإنه ما يزال في بداياته، فالجانب القضائي، أكان في القرار الذي اتخذته رئيسة دائرة تنفيذ بيروت القاضية مريانا عناني بالحجز على مصرف «فرنسبنك» وبعدها قرار مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون بالتصعيد في وجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامه والتحضير لاستدعائه مجدداً وتوقيف شقيقه رجا سلامة، ماض في هذه الاجراءات بمعزل عن نتائجها، في ما بدا في الجانب الآخر انه استنفار سياسي لتدارك ما وصفته مصادر وزارية لـ«الجمهورية» بـ«التداعيات الخطيرة لهذه الاجراءات التي يخشى أن تكون منطلقاتها وابعادها سياسية». وهو الامر الذي سيكون اليوم على طاولة مجلس الوزراء التي تقرر عقدها اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا.

ad
 

واذا كان القراران قد وَجدا تناغماً معهما على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك من بعض القضاة ووصفهما بعض المتحمسين لهما من قوى حراكية أو من قوى لا تخفي «عداءها» للمصارف ولحاكم مصرف لبنان، الّا انهما في المقابل كانا محل التباس لدى جهات قضائية أخرى.

 

وفي هذا الاطار، وبمعزل عن الموقف من المصارف ودورها في مفاقمة الازمة وحجز أموال المودعين، فإنّ الاجراءات الرادعة، كما تؤكد مصادر قانونية لـ«الجمهورية»، ينبغي أن تكون بالدرجة الاولى في خدمة الناس والمودعين والموظفين على وجه الخصوص. لا أن تأتي بطريقة يحصد المودعون والموظّفون وأصحاب الرواتب وحدهم النتائج السلبية.

 

ففي ما خصّ قرار القاضية عناني بحق مصرف «فرنسبنك»، فإن الإجراء الذي اتخذته بحق هذا البنك، كما تقول المصادر، هو إجراء قانوني، انما هو بدل أن يطال مسألة فردية حصراً، جاءت تأثيراته عامة. فالقانون في الاساس وضع لخدمة الناس، وليس للاضرار بهم. فلا خلاف على أن الاجراء ضد «فرنسبنك» قانوني، إنما الصحيح أيضاً أنّ هذا الإجراء أخذ كل من له أموال بهذا البنك بالطريق، حيث أنه لم يحسب حساب الموظفين بالدرجة الاولى الذين يتقاضون رواتبهم عبر هذا البنك، وكذلك أصحاب المعاملات المالية معه، وجميعهم لا علاقة لهم بالسبب الذي دفع إلى الحجز وتجميد مصرف وحجز خزنته فيما هي تحوي على أموال لآلاف المواطنين والموظّفين.

ad
 

فقد كان في الامكان، في رأي المصادر القانونية، «أن تبادر القاضية عناني إلى اجراء مبني على تقدير حجم وديعة الشخص المدعي، والتي على أساسها بُني قرار الحجز العام، وبالتالي اتخاذ قراراً بالحجز على موجودات أو ما شابه ذلك تعادل الوديعة محل الشكوى أو تضاعفها، في البنك المعني، وليس أكثر من ذلك». مع الاشارة هنا إلى أنّ صرخات أصحاب الاموال في «فرنسبنك» وعلى وجه الخصوص الموظفون في شتى القطاعات، بدأت تتعالى بشكل مخيف لا بل مرعب خصوصاً انه يفاقم من أعبائهم والضغط عليهم في أسوأ ظروف مالية وحياتية ومعيشية يمرّون بها، علماً أنّ غالبيتهم لم يتمكنوا من قبض كامل الراتب آخر الشّهر الماضي، وبقي نصفه محجوزاً في المصرف.

 


وعلى ما يبدو أن سبحة الحجز قد كرّت، فبعد الحجز التنفيذي على «فرنسبنك»، ألقي الحجز امس على كافة فروع بنك لبنان والمهجر في طرابلس. حيث قرر رئيس دائرة التنفيذ في طرابلس باسم نصر إبلاغ بنك لبنان والمهجر الانذار التنفيذي، ووضع محضر الحجز التنفيذي في آن واحد على الخزنات والأموال الموجودة في الصناديق العائدة للمصرف دون تلك التي تعود للمودعين (أي خزنات الأمانات)، واخراج خزنة المودعين من دائرة الحجز من أجل تسيير أمور المودعين وتعبئة الصراف الآلي. وفي حال وجود خزنة واحدة اخراج مبلغ من المال ليتم استخدامه لتعبئة الصرافات الآلية ولتسيير أمور المودعين، وذلك في فروعه الاربعة الكائنة في طرابلس: الزاهرية والبوليفار وابي سمراء وشارع عزمي.