بعد قيام بعض الناشطين السياسيين ضدّ سياسة حزب الله والهيمنة الإيرانية على لبنان، بمحاولة الإعتراض على رفع مُجسّم لقائد الحرس الثوري الإيراني الراحل قاسم سليماني، في معرض الكتاب العربي في بيروت بالأمس، وما أعقب ذلك من اعتداءٍ على أحد الناشطين ضرباً وسحلاً، يمكننا أن نُسجّل عبثية هكذا تصرفات اعتراضية، فهي فضلاً عن كونها لن تجدي نفعاً، بل ربما تعود بالضرر المعنوي، ذلك أنّ البيئة الشيعية الحاضنة ستزداد تعلّقاً وغلواً بهذه الرموز، وبالإستعراضات الدعائية التي تطلقها ماكينة حزب الله الإعلامية، فصبراً جميلاً يا ثوار الأرض، فقد سبق لزعيم ليبيا الراحل معمر القذافي أن ملأ ساحات ليبيا وشوارعها ومبانيها بصُوره وتماثيله وأقواله "الخالدة"، كذلك فعل زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، وصدام حسين في العراق، وحافظ الأسد ووريثه بشار الأسد في سوريا، وما لبثت أن قامت الجماهير هي نفسها التي سبق لها أن رفعت تلك الصُور، وأقامت تلك الأنصاب، وزرعت الأباطيل والأوهام، بإزالة تلك الصور، وبتحطيم تلك الأنصاب والتماثيل، وتكنيس تلك الشعارات الفارغة البالية، وهذا ما هو واقعٌ بلا ريب في يومٍ من الأيام، وهو ليس ببعيد، وسيقوم من أقام الأنصاب ووزع الصُور، وهتف بالأناشيد الحماسية، بنزعها جميعاً، وتحطيمها ورميها في سلال مهملات التاريخ، ليثبت بعدها أنّ كل تلك العراضات والحملات الدعائية ليست سوى ذرٍّ للرماد في العيون الرمداء أصلاً، ونحن نعلم قبل غيرنا أنّ العرب كانوا يتخذون إلهاً من تمرٍ، فإذا جاعوا أكلوه، لكنهم سرعان ما يعودون لعبادته، ورغم اعتدادهم بدينهم الإسلامي وتشبثهم به، فالكل يعلم أن ليس ثمة أمّة تسبُّ الدين أكثر منهم، رغم أنّهم بدينهم يتماهون وعنه يدافعون