رغم التزامي بمقاطعة الإنتخابات النيابية لأنها ستعيد إنتاج الطبقة السياسية نفسها وإن بتوازنات مختلفة اذا ما صحت خبريات تراجع التيّار العوني وصعود صاروخي لحزب القوّات اللبنانية على حساب الباسيلية المكروهة مسيحياً بعد تجربة هي الأسوأ في تاريخ المارونية واذا ما استجابت الطائفة السنيّة لبدائل أفضل مما كان عليه تيّار المستقبل الفاشل برئاسة سعد الحريري .

 


لكن ما لفتني خطاب المرشح الشيخ عباس الجوهري عن بعلبك – الهرمل لا من حيثية الجرأة في المواقف بل من حيثية الترشح نفسه وخلفية ما وراء الترشح من أسباب وهذا ما استدعى مني  إعادة النظر في المشاركة النيابية ترشُحاً وانتخاباً وخاصة في الوسط الشيعي حيث تنعدم فيه جرأة الترشح في الدوائر الشيعية كافة بإستثناء بعلبك – الهرمل التي تشهد بإستمرار مرشحين غير خائفين من الثنائي الشيعي وهذا بحد ذاته فوز للمرشحين طالما أنّهم يمارسون حقهم في الإستحقاقات ومهما اشتدّت عليهم عواصف التهوين والتخوين والتكفير والتهديد من جماهير لا علاقة لها لا في العير ولا في النفير .

 


يكتسب المشهد الإنتخابي هذه السنة أهمية قصوى اذ انه فرصة للتغيير في بنية السلطة التي أفسدت البلاد والعباد وبات التخلّص من السياسيين السيئين فرصة متاحة من خلال صندوقة الإنتخابات ويلعب الثنائي الشيعي الدور الريادي في حماية هذه السلطة التي يراد التجديد لها من خلال الإستحقاقين النيابي والرئاسي وهذا من شأنه تكريس الأزمة المفتوحة على الدرك الأسفل من جهنم الإصلاح والتغيير دون الأخذ بعين الإعتبار بأيّ مستجد داخلي وخارجي بحيث يتمسكون أكثر بسياسات فاشلة إن من خلال الإبقاء على رسل النيابة وإدخال بعض الأولياء الجُدُد كنكهة تلبي الذوق الشعبي أو من خلال البقاء على تحالفاتهم القديمة المدمرة للبنان .

 


هكذا استقرأ الشيخ عباس الجوهري رئيس المركز العربي للحوار المشهد النيابي وهذا ما دفعه لا للمغامرة بل لمفاعلة الإستحقاق من موقع المسؤولية والفرصة المؤاتية بعد أن تباكى اللبنانيون على وطن ضاع منهم وعنهم في غفلة من اختياراتهم القاتلة وهذا ما دفعه أيضاً الى ملاقاة الناس وسط أزمتهم الإقتصادية ومصادرة حقوقهم في المشاركة السياسية من خلال تكييس النيابة بأشخاص لا لون لهم ولاطعم ولا رائحة وكل إنجازاتهم التنعم بنعم السلطة فقط لا غير .
وما قاله في لقائه مع ماكنته الإنتخابية في بعلبك يعكس سبباً آخر من أسباب ترشحه حين قال: ليس المهم عندي أن أفوز في الإنتخابات بقدر اهتمامي بفوزي كمرشح من خلال ممارسة حقكم في الإنتخابات بحرية خارج التعليب الطائفي والمذهبي والحزبي وإن اخترتم منافسين لي انتخابياً بحرية دون ضغوطات تعبوية وخطابية ومالية وفتاوى التحليل و التحريم اعتبر نفسي فائزاً لأني حققت مقصدي من المشاركة في المعركة الإنتخابية .

 


لقد خرق الشيخ عباس الجوهري جدار الصوت والصمت في منطقة بعلبك – الهرمل بثقة القائد الإمام السيّد موسى الصدر الذي اعتمد عليه في مشروع الإصلاح السياسي الذي تبناه ومازال يعمل عليه وفي ورقته الإنتخابية .

 


هكذا لخص المرشح الشيخ عباس الجوهري وببساطة متناهية رغبته في خوض المعركة الإنتخابية لا كخصم لأحد من اللبنانيين ولا للثنائي الشيعي تحديداً كما قال بل كشريك في ساحة تتسع للجميع ولا داعي لأستعمال سياسات الإقصاء لأنها سياسات مستبدة آيلة للزوال مهما طال بها الزمن .