توزّع اللبنانيون بين مؤيد بقوّة للغزو الروسي وبين مؤيد لأوكرانيا في البقاء على جمالها وروعة شعبها وسلامة أمنها وبين رافض لروسيا ومنحاز لأوروبا وأميركا وقد أصيب بالإحباط بعد وقوف أميركا وأوروبا على أنقاض أوكرانيا .


ومن طبيعة الإنقسام اللبناني على أيّ أزمة أو مشكلة أن يكون طائفياً بحيث أن الأغلبية الشيعية منتفخة بالعضلة الروسية ويرفع البعض منها صور المستبد بوتين إمّا نكاية بأميركا أو انحيازاً تاماً لحليف إيران ويشرب المؤمنون شاي النصر على إحتلال بلد آمن فرحين بفتح مسيحي لا إسلامي لأن بوتين كاهن غير مرسّم من قبل الكنيسة ولكنه بمقام بابا الكنيسة الأرثوذكسية وقد عبّر عن ذلك في أكثر من موقف وخاصة في أسباب الحرب على أوكرانيا .

 


من الشيعة المؤيدين بقايا شيوعيين من المغفلين المعتقدين بشيوعية بوتين رغم أن القيصر الجديد يسفّة الشيوعيين ويعتبر أن ضياع الإمبراطورية الروسية كانت على يد الشيوعيين اليهود ومن الشيوعيين غير المغفلين مؤيدين لبوتين ولحروبه المتنقلة من باب الإختلاف مع أميركا وقاعدتهم في التأييد قائمة على عدائية الولايات المتحدة فكل من يعادي أميركا هم معهم حتى ولو كان تنظيم داعش أو القاعدة كما كانت مواقفهم واضحة في التأييد المفرط لأسامة بن لادن وكأنّه آخر الماركسيين الثوريين .

 


ثمّة جوقة معروفة من عديمي النفع والفائدة من الثرثارين اليوميين من جماعات التحليل الإستراتيجي من المنبوذين من أحزابهم الشيوعية والقومية والطائفية والإسلاموية ولكنهم يرتزقون على الشعارات النارية فيسقطون دولاً وأمماً ويقيمون بتحليل واحد ببناء عالم جديد لدول وأحزاب عاجزة عن جمع النفايات وتصريفها دون الإساءة للإنسان والبيئة .

 


هذه الأكثرية المنتشية يقابلها طوائف أخرى ازدادت إحباطاً  من مسيحيين وسُنة نتيجة خذلان أميركا وأوروبا لأوكرانيا الوديعة وجعلهم يتجرعون مرّة أخرى سُمّ الرهان على الولايات المتحدة التي لاتخذل مصالحها وتخذل مصالح الشعوب .

 


كانت جماعات الثرثرة في هذه الطوائف تنتظر لحظة دخول روسيا في مصيدة أوكرانيا كي يتم ذبحها بقطنة أميركية وتناولوا عناصر القوّة هنا وعناصر الضعف هناك صعوبة في أن تتخلى أوروبا وأميركا عن أوكرانيا لجهة المصالح الحيّة والمكثفة في جغرافيا متعددة الثروات وقد استفاقوا بعد حلم أميركي على كابوس روسي ستكون تأثيراته واضحة على اللبننة الإنتخابية اذا ما حصلت .

 


وحدهم بقايا الإنسانية من أهل السلام من رفضوا الحرب كونها حرباً وكانوا مع أوكرانيا كبلد جميل يتم تشويهه بآلات الحقد والكراهية ولعبة المصالح وهؤلاء الأخلاقيون لا تأثير لهم إذ إنهم جماعة بسيطة ترى في السلام مساحة حياة وفي الحرب ساحة موت وهم ينحازون الى الحياة بدلاً من الموت المجاني لصالح حسابات السلطة والمال .

 


أسوأ ما في المثرثرين الفرحين أنهم في تأييدهم يحفّزون الدول القوية على احتلال الدول الضعيفة وفي هذا دعوة مجانية لإحتلالنا مجدداً طالما أن المصالح والأطماع تبرر ذلك خاصة ونحن على تخوم حدود غير ثابتة وكل يدّعي حقّاً في أرضنا في ظل عدو هو أسوأ ما أنتجته صناعة الموت .