لا يجد الثنائي الشيعي سبباً وجيهاً لتغيير الطاقم السياسي الذي نصّبهُ على الشيعة خاصةً، واللبنانيين عامةً، منذ ثلاثة عقودٍ من الزمن وما يزيد على ذلك، فالطائفة الشيعية على ما هو واقع، أُصيبت بالعُقم الثقافي-السياسي في منطق وعُرف هذه الثنائية، بحيث لا يمكن لأيّ شيعي (ذكراً كان أو أنثى) مُثقّف أو مُتنوّر أو مُتعلّم، ويفترق إيديولوجيّاً ووعياً والتزاماً عن معتقدات وسياسات حزب الله وحركة أمل، أن يحلم بدخول الندوة البرلمانية، ناهيك عن التّربّع في منصبٍ وزاريٍ أو إداريٍ أو أمني، حتى لكأنّ الطائفة الشيعية باتت طاردة للثقافة والوعي والتّحرّر والوطنية، فمنذ عامٍ مضى اغتيل الناشط السياسي، والمُفكّر، والمُعارض لنهج حزب الله الشهيد لقمان سليم، ( والأصح تمّت تصفيتُه جسدياً)، اليوم يُهدّد أستاذ جامعي بالقتل لمُجرّد إشهار معارضته لسياسة حزب الله، وأصبح "كاتم الصوت" بُعبعاً يفترس رأس الثقافة في هذا البلد كلما أطلّت برأسها.

 


الحق يُقال، بتنا لا ندري ولا نَعي لماذا وصلنا إلى هذا الدّرْك من القمع والظلامية والإستبداد والفساد المستشري على كافة المستويات، وهؤلاء الذين يدّعون أنّهم أسياد، وأطهار، وأشراف، ويخافون الله سبحانه و تعالى، هم ذاتهم الذين يُشرفون على حملات القمع والتّخوين، ورمي تُهم والعمالة والإرتهان للأمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، تحت ذرائع واهية، أبرزها حماية المقاومة والممانعة، المقاومة التي  جعلوها بالقهر والظلم عصيّةً على كلّ نقدٍ واعتراضٍ ومُساءلة، حتى أصبحت كما قال الشاعر: حبلاً يُجرجر بلا بعير.

 


على ظهر "المقاومة" البريئة من ألاعيبهم وأكاذيبهم، يقفزون فوق كل المعضلات الحقيقية والأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية والحياتية التي تعانيها البلاد، لحرف الأنظار ورمي الناس في مهاوي "مقاومة" انحرفت عن منظوماتها الأساسية: الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية لتُصبح أقرب ما يكون إلى ظاهرة "شاذّة"، وهم يعلمون تمام العلم أنّها انحرفت كثيراً عن أهدافها المشروعة وقيمها الحقيقية ، لذا هم يُجهدون أنفسهم ليل نهار لاختلاق صيغٍ جديدة من المنظومة نفسها، ويعمدون إلى إعادات تركيب وتوليفات جديدة حتى يُلغوا أو يستبعدوا أيّ تضاربٍ، أو تناقضٍ ظاهرٍ بين النظرية والواقع، حتى بات شأنهم شأن تلك الجماعة التي قبضت على حشرةٍ من تلك الحشرات الصغيرة التي تُسمّى "سراج الليل"، فحسبوا أنّ فيها شرراً من نار، فشرعوا بالنّفخ عليها تحت كومةٍ من القشّ الجاف، علّهم ينقلون الشرر منها إلى القشّ، فيأخذ بالإشتعال.

 


الإنتخابات البرلمانية على الأبواب يا حُرّاس المقاومة، فماذا لو طالت عمليات النّفخ بلا جدوى، ولم يتُمّ الإشتعال، وأنتم أكثر الناس علماً ويقيناً بلا جدوى في ما تنفخون فيه، وللّه الأمر من قبلُ ومن بعد.