ليست صدفة ولا هي بالمقصودة ولا أضع ما جرى على دوار كفرمان – النبطية في دائرة الفعل وردّ الفعل لأن من طبيعة الحيّز الضيق أن يشهد عجقة في كل المشاهد فكيف بالصور السياسية وغير السياسية بحيث أن المكان المتاح لتعليق صورة للشهيد سليماني تغطي جانباً من صورة دولة الرئيس نبيه بري واذا كانت الشمس لا تحجب وجه بري فمن الطبيعي أن لا يجرؤ أحد على حجب صورته لذا قلنا بأن المسألة فنية لا أكثر من ذلك .

 


في حركة معتادة من شباب كفرمان أعادوا الإهتمام بالدائرة التي تضم صوراً ضخمة لكل من الإمام السيّد موسى الصدر والمرجع  السيّد علي السيستاني كتب عليها تاج الأمّة ودولة الرئيس نبيه بري وهنا بيت القصيد في الظاهرة الصورية للقيادات الشيعية والتي تمثل في هذه المرحلة رؤية للفهم الشيعي والقائمة على آحادية بالنسبة لتيّار شيعي وعلى تعددية بالنسبة لتيّار شيعي آخر ومعه أطراف وشخصيات شيعية تجمع على ضرورات التعددية الشيعية في الفقه والسياسة .

 

 


تاريخياً تأسست الشيعية اللبنانية على التعددية بحيث لم تصادر جهة التمثيل الشيعي في مذهبي الفقه والسياسة واستمرت على هذا الحال ومع بروز رجال الدين في الحقل السياسي مع بدايات عمل الإمام السيّد موسى الصدر في السياسة ودوري كل من الإمامين شمس الدين وفضل الله في الدعوة الدينية استمرت التعددية قائمة رغم الإختلاف البائن بين وجهات نظر أقطاب العمل الشيعي وكان يحرص المختلفون على حقهم في الإختلاف دون الإعتماد على سياسات الإلغاء وهذا ديدن الشبكات السياسية الشيعية سواء كانت بيوتات سياسية أو دينية أو تيارات حزبية .

 


هذه الرؤية الشيعية التقليدية ليست وليدة لبنانية بقدر ماهي مرتبطة بعقيدة المذهب الشيعي المتأسّس على التعددية لا الآحادية حتى في ظل خلاف حركة أمل والتيّار الأسعدي لم يصل الخلاف لحدّ الإلغاء و الدليل بقاء الأسعدية كحالة موجودة في كثير من القرى الجنوبية رغم نهاية دور الأسعدية بموت الرئيس كامل الأسعد .

 

 


قيادات الصف الأول في حزب الله وحركة أمل تتصالح مع ضرورة الثنائية الشيعية وفي هذا إيمان ما بتعددية مقبولة بغض النظر عن نوايا البعض فنحن غير معنيين بقراءة مافي  الصدور ولكن ثمّة من يروّج لضرورة الآحادية في القيادة الشيعية وينظّرون لها بطريقة مفقهنة وهي لا تمت بأيّ صلة للتاريخ الشيعي ويستحضرون لها الروايات والمنامات ويبررون ضرورتها بضرورة المعصوم وآحادية القيادة الفردية في تجربة النبي (ص) والإمام المعصوم وهم يسوّقون ذلك باعتبارها وسيلة نجاة من النار ومصدر رزق وعافية وقوّة في الدنيا .

 


شيوخ التسويق هنا وإن كانوا من الأغصان الذابلة في شجرة الحوزة السياسية إلا أن إثارتهم هذه تشغل مساحة في العقل الفارغ والذي يمثل أرضاً خصبة لمثل هذه الدعوات .

 


من هنا تبدو الصور القائمة على تعددية في وجهات النظر أكثر حرصاً على السلامة الشيعية من الصورة التي تختزن آحادية مصادرة للجماعة أو للأمّة وهذا مقتل الأمّة في تجربة الخلافة وما تلاها من مصادرة وراثية كرّست النزعة الفردية التي أسّست لمذهب الإستبداد .