للأسف الشديد، فقد نجح حزب الله وإلى حد بعيد بمسخ المقاومة وتشويه صورتها، وتمريغ اشراقتها، واطفاء نورها... فبتنا اليوم حين نسمع كلمة المقاومة لا يتبادر الى الاذهان الا كل معاني التخلف والظلم والفوضى والفساد والطبقة السياسية العفنة والاستعلاء والتجبر والفوقية والسرقات والتهريب والتفلت والمافيات وإعانة الظالمين والاستبداد، والتحالفات المشبوهة والكبتاغون والحشيشة ونهر الغدير وعجقة السير والنفايات والعتمة والفقر والجوع والامراض والتعنت والعصبية المقيتة والتمذهب والراتب والدولار والاجازة، حتى انه تحول المقاوم المفترض الى مجرد موظف يذهب الى الشغل ويقاتل كمرتزق أينما يسيره رئيسه حامل الاموال، حتى أننا بتنا حين نسمع ب المقاومة الآن لم تعد اسرائيل هي الوجهة المقصودة بالضرورة، بل صارت حلب وصنعاء وبغداد والقصير وصعدة وكل مكان في العالم الا شبعا وتل أبيب.
 

 

الجيل الذي عايش مرحلة الاحتلال، واستظل جناح المقاومة حينها، أو انه تعرّف عن قرب أو عن بعد لبعض ثمارها وجناها، وتذوق حلاوة أيامها وشجونها، هذا الجيل يدرك تماما الفارق العظيم، ويستطيع تلمس التضارب الشاسع بين ما كانت عليه وبين ما آلت اليه.
والحديث هنا ليس لهذا الجيل، وانما لجيل ما بعد التحرير او فلنقل لجيل بعد التسعينات من القرن الماضي.

 


 
كانت المقاومة روح، تتغلغل في وجدان وعروق شباب الجنوب ومعظم الشباب اللبناني، من دون تعقيدات ولا مسميات قبلها او بعدها، ومعظم كوادرها وافرادها كانوا من المتطوعين فلا تفرغ ولا رواتب وطبعا لا دوام عمل ولا إجازات فكانت أقرب ما يكون الى "جيش المسلمين" في بدايات الدعوة وقبل ان ينشىء معاوية جيشه النظامي 

 


كانت المقاومة، لها وجهة واحدة وهدف واحد هو قتال المحتل ومجابته، والسلاح كان واحد من اساليب المواجهة وليس كله، لذا كانت المقاومة أوسع معنى وأكبر تفاعلا وأكثر إنتشارا، فالمزارع الذي يبصق على دورية اسرائيلية تمر بجانبه  كان مقاوما، المرأة التي ترفع يديها الى السماء وتدعوا للمجاهدين كانت تقاوم، الطبيب الذي يتسلل ليلا ليعالج مقاتل مصاب كان مقاوما، من يطفئ لمبة بيته الخارجية لحظة مرور المقاتلين حتى يحميهم من عيون المحتل كان يقاوم.

لم تكن هناك مساحة بين من يحمل السلاح ويقتحم المواقع او يكمن لدورية او يزرع عبوة وبين باقي الناس، فالجميع يقاوم بحسب موقعه او قدراته، فلم يشعر المقاومون المقاتلون يومها بالغربة او التمايز، كانوا جزءً من كل،  افتخارهم الوحيد فقط انهم في الصفوف الامامية وانهم اقرب لبذل الروح والدم من سواهم ليس إلا.

 


 
كانت المقاومة يومها، عنوان للوطنية، كانت شعور عارم بالكرامة، كانت جسر فخر للتحرير وبناء وطن، كانت إحساس برفض الظلم والمظلومية، كانت فعل ايمان بأن الافضل لا بد آت، كانت نور في وسط الظلام، كانت عزة واعتزاز، كنا حين نسمع كلمة "مقاومة" لا يتبادر الى الاذهان معها الا كل معاني السمو والرفعة والانسانية وقبل هذا وبعده كنا نشعر بالحق بأعلى تجلياته.

 


 
للأسف الشديد، بعكس هذه الايام، فقد نجح حزب الله وإلى حد بعيد بمسخ "المقاومة" وتشويه صورتها، وتمريغ اشراقتها، واطفاء نورها... فبتنا اليوم حين نسمع كلمة "المقاومة" لا يتبادر الى الاذهان الا كل معاني التخلف والظلم والفوضى والفساد والطبقة السياسية العفنة والاستعلاء والتجبر والفوقية والسرقات والتهريب والتفلت والمافيات وإعانة الظالمين والاستبداد، والتحالفات المشبوهة والكبتاغون والحشيشة ونهر الغدير وعجقة السير والنفايات والعتمة والفقر والجوع والامراض والتعنت والعصبية المقيتة والتمذهب والراتب والدولار والاجازة، حتى انه تحول "المقاوم" المفترض الى مجرد موظف يذهب الى "الشغل" ويقاتل كمرتزق أينما يسيره رئيسه حامل الاموال، حتى أننا بتنا حين نسمع ب "المقاومة" الآن لم تعد اسرائيل هي الوجهة المقصودة بالضرورة، بل صارت حلب وصنعاء وبغداد والقصير وصعدة وكل مكان في العالم الا شبعا وتل ابيب والجليل. 

بالامس كانت المقاومة، مقاومة .... فحولوها عن سابق تصور وتصميم اليوم، الى وحش.