المصلحة اللبنانية العليا هي بوقف الإنهيار وكشف المتسببين والمساهمين في هذا الإنهيار ومحاسبتهم دون استنسابية ودون طائفية ودون تدخل من أي من المرجعيات السياسية والدينية، والحريص على مصلحة لبنان واللبنانيين فليطالب بحقوق اللبنانيين وليخبرنا البطرك من سرق خزينة الدولة ومن سرق ودائع اللبنانيين ومدخراتهم إن لم يكن رياض سلامة هو المفتاح فمن هو المسؤول إذن؟
 

لا تزال قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تتصدر الإهتمامات المحلية والدولية وكان آخرها ما صدر عن السلطات القضائية في لوكسمبورغ حيث صدر قرار من النيابة العامّة هناك بالانتقال للتعامل مع سلامة بوصفه مدعى عليه، الأمر الذي يمثّل تطوّراً غير مسبوق في سياق التحقيقات التي تجري في العديد من العواصم الأوروبيّة بحق حاكم مصرف لبنان.

 

 

 وكان سبق قرار السلطات القضائية في لوكسمبورغ قرارات مشابهة من جميع الدول الأوروبيّة حيث قامت هذه الدول بفتح قضايا جنائيّة في وجه حاكم مصرف لبنان، وما زالت هذه الملفّات في إطار التحقيقات الأوليّة.

 

 

وتكمن أهمية قرار السلطات في لوكسمبورغ باعتبارها الدولة العضو في منظّمة "يوروجست" التي تضم النيابات العامّة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سويسرا، وهذه العضويّة ستسمح للأجهزة القضائيّة في لوكسمبورغ بالاستفادة من جميع المعطيات المتوفّرة في ملفّات سلامة المفتوحة في سويسرا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا، لتأكيد الاتهامات الموجهة إلى سلامة بوصفه مدعى عليه. كما ستسمح عضويّة "يوروجست" لسلطات لوكسمبورغ بمشاركة المعلومات الموجودة.

 

 

أما في لبنان لا يزال رياض سلامة "بريئا" بالرغم من كل ما يجري في الخارج، وبالرغم من كل ما حصل ويحصل في مالية الدولة اللبنانية التي يمسك رياض سلامة بكل مفاصلها وأسرارها منذ ثلاثين عاما، أضف إلى ذلك الإشارات المباشرة والسلبية من البنك الدولي الذي عبّر عن امتعاضه من طريقة التعاطي التي يتعامل بها سلامة في القضايا المالية ذات الصلة بالبنك الدولي الذي تجاوز بعتابه رياض سلامة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

 

 

وقد بات واضحا أن في لبنان من يحمي رياض سلامة ويصرّ على حمايته حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الدولة ومصالح اللبنانيين.

 

 

منذ بداية الأزمة المالية وأصابع الاتهام تشير إلى تورط سلامة ومنظومة المصارف ومَن وراءهم، وعندما ارتفعت بعض الاصوات بضرورة المساءلة والمحاسبة والتدقيق إن من خلال التصريح أو التلميح أو القضاء سارع كثيرون لحماية رياض سلامة وعلى رأسهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي رفض المسّ برياض سلامة تحت أي اعتبار، وكرر موقفه هذا في عظته الأخيرة حيث رفض حتى المساءلة، فيما يشبه الحماية الكنسية تحت مبررات واعتبارات هزيلة  لا تعبّر عن روح المسؤولية الوطنية في ظل الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد.

 

 

ذهب الراعي إلى أن يكون خط الدفاع الأول عن سلامة متذرعا بوجود ما أسماه "الجزر القضائية" حيناً ومما وصفهم ببعض القضاة ممن يفقدون استقلاليتهم ويخضعون للسلطة السياسية ويُنفّذون توجيهاتها حينا آخر،  ومتذرعا باستغراب أكبر بأن مساءلة رياض سلامة تشكل خطرا  على مصلحة لبنان العليا.  

 

 

في نظر البطرك ليس ثمة خطر يحدق بلبنان واللبنانيين، وليس ثمة أزمة تشكل خطرا على لبنان واللبنانيين وقد وقف البطرك على مقولة رياض سلامة المشهورة "الليرة بخير" وما زال،  وهو لا يريد أن ينظر إلى حجم المأساة في انهيار الليرة، في سرقة أموال المودعين، في سرقة خزينة الدولة،  وقبل كل ذلك لعل المستشارين لم يبلغوا سيادة البطرك بحجم الدعاوى والشكاوى بحق رياض سلامة بتهم الإختلاس في اكثر من دولة أوروبية وآخرها ما صدر عن السلطات القضائية في لوكسمبورغ.

 

 

سُرقت أموال الناس على عين البطرك وسواه من المسؤولين، نهبت خزينة الدولة على عين البطرك وسواه، وغير ذلك الكثير والبطرك ليس معنيا إلا بحماية رياض سلامة.

 

 

إن الإستماع إلى رياض سلامة بصفته حاكم مصرف لبنان حق مشروع في ظل الإنهيار الحاصل بعيدا عن طائفته وبعيدا عن مذهبية ولا يحق لأي كان مهما علا شأنه أن يحمي متهما لاعتبارات طائفية أو دينية أو سياسية، ومن حق اللبنانيين جميعهم أن يعرفوا الحقيقة وأن يعرفوا المسؤولين عن الإنهيار والمسؤولين عن سرقة حقوقهم ومكتسباتهم.

 

 

المصلحة اللبنانية العليا هي بوقف الإنهيار وكشف المتسببين والمساهمين في هذا الإنهيار ومحاسبتهم دون استنسابية ودون طائفية ودون تدخل من أي من المرجعيات السياسية والدينية، والحريص على مصلحة لبنان واللبنانيين فليطالب بحقوق اللبنانيين وليخبرنا البطرك من سرق خزينة الدولة ومن سرق ودائع اللبنانيين ومدخراتهم إن لم يكن رياض سلامة هو المفتاح فمن هو المسؤول إذن؟