أيام حكم الدكتاتور ستالين في الإتحاد السوفياتي الغابر وشى أحد التلامذة (ببراءة الأطفال المعهودة) بوالديه باعتبارهما مُعارضَين لحكم ديكتاتورية البروليتاريا، فتمّ إلقاء القبض عليهما كمُنشقّين، وهذه تهمة أودت بهما للنّفي إلى سيبيريا، حيث إن لم يموتا جوعاً، ماتا من البرد القارس والصّقيع، وظلّت صورة الفتى الواشي تُرفع في المدارس والجامعات باعتباره بطلاً قوميّاً وأُمميّاً لوقتٍ طويل، وفي وقتٍ ليس ببعيد، وفي ديكتاتورية البعث العراقي بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين، درجت العادة والعُسف أن تُعلّق صورة لصدام حسين في كلّ غرفة من غُرف التدريس في مدارس العراق قاطبةً، وكان لزاماً على المدرسين أن يُلقّنوا الأطفال والتلاميذ مناقب الرئيس صدام المرفوعة صورتُه فوق الصّبورة، وفي جولة تفقّديّة لأحد المفتشين في إحدى المدارس، طلب المفتش من أحد التلامذة، الذي لم يتجاوز عمره ثمانية أعوام: هل تعرف لمن هذه الصورة المُعلّقة؟ فأجاب الصبي: نعم، هذه صورة الرئيس صدام حسين، وهذه كلما ظهرت على التلفزيون عندنا في البيت، يلعنه ويشتمُه أبي، ويرمي ما في يده ناحية التلفزيون، وفي اليوم التالي أُلقيَ القبض على الوالد الجاني"، ولكي تُبرّر عقوبة الإعدام عليه، تمّ توجيه تهمة التجسّس له لصالح إيران، التي كانت في اشتباكاتٍ حربية ضارية مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.

 


عندنا في لبنان هذه الأيام الحالكة، طلع علينا الشيخ الدكتور علي جابر( والله أعلم متى ومن أين حصل على درجة الدكتوراه هذه) مُؤنّباً ومُقرّعاً كلّ "مُنشقٍّ" عن تيار المقاومة والممانعة، يطيب له أن يشرب البيرة في الأرض المُحرّرة، وهو يُناوئ تيار الشيخ جابر، وفضيلتُه اكتفى، بعد حظر شرب البيرة بالطبع، دعوة المنشقين للتّحلّي بالأخلاق والوفاء لدماء الشهداء، عند دخولهم الأرض المُحرّرة، ولا بأس من دخولهم المعبد المُقدّس( معبد المقاومة الإسلامية)، بعد خلع النّعلَين طبعاً، والتّفيّؤ بظلال عباءة "الدكتور" علي جابر، والإستعاضة عن شرب البيرة بشرب الشاي الأخضر المبارك، تمهيداً لتجديد البيعة لتيار المقاومة في الإستحقاق الإنتخابي القادم.