إن مسلمي لبنانَ هم زاوية النهضة والعمران، ومن أركان النظام والاستقلال، ومعنيون بأمنه والحفاظ على وحدته الوطنية . فالعائلات السياسية ترحل كما أتت، وهذه سنة التداول في الحياة، لكنّ الأوطان والأديان أزلية الوجود وليست مجردَ مرحلةٍ وتنطفئ شعلتُها وشمعتُها وسمعتُها مع مرور الزمن .
 

في كافة الدول المتقدمة وبالأنظمة المعمول بها على المستوى الوطني والحزبي عندما يفشَل المسؤولُ لأسبابٍ كثيرة، يعمد إلى تقديم استقالته، ويذهب البعض الآخر إلى اعتزال الحياة السياسية ويغيب عن المشهد العام كأنه لم يكن شيئاً مذكورا .

 

 

فالرئيس سعد الحريري تمّت تنحيتُه بقرار إقليمي وتآمر داخلي وفشل إداري وتنظيمي، وذلك منذ بدء مسيرته السياسية 2005 وحتى هذه اللحظة. 

 

 

وبما أنّ ظروفَ التعليقِ  باتت معروفةً للجميع، كان يتحتم على الرئيس الحريري الاجتماع بأخيه الأكبر بهاء، وتجري بينهما مصارَحة ومصالَحة تبديداً للهواجس والالتباسات، مع ضرورة الانتقاد الذاتي للمرحلة السابقة بكل عيوبها وأخطائها وخطاياها والتي أثّرت سلباً على مكانة المسلمين السّنَّة في لبنان بين أخواتها من الطوائف وأحزابها ومرجعياتها السياسية والروحية، حتى شعر السنّة وجمهور التيار في محطات كثيرة بانتكاسات وخيبات من القائد الأعلى ومن القيادة السياسية للتيار ومن المستشارين والممثلين لهم في النيابة والوزارة والإدارة .

 

 

فلو بادَرَ الرئيسُ الحريري نحوَ أخيه بهاء، بعدما تيقّن أنّ الغطاءَ الإقليميَّ قد رُفِعَ عنه مادياً ومعنوياً، وبحث معه تفاصيل الأزمة لمحاولة تدارك المخاطر والحفاظ على جمهور تيار المستقبل وضمان بقاء مؤسساته وحماية أنصاره، وناقشَ   خروجَهُ الآمنَ من العملية السياسية، واتفَقَا  أنَ يتبوّأَ  مكانَه السيد بهاء في (زعامة تيار المستقبل ورئاسة الحكومة المقبلة ومشروع الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة والتحالفات السياسية)، وحدّدا  موعداً لزيارة لبنان،وترافقا معاً ونَزلَا بيروتَ وزارا ضريحَ الشهيد، ومن هناك انتقلا جنباً إلى جنب قاصدين قصر قريطم، حيث منزل المؤسس والأساس لمسيرة التيار الأولى (وليس الوسط)، وهناك تَمَّتِ البيعةُ وانتقالُ السلطةِ الحزبية  وجرَتْ مراسيمُ التسلُّمِ والتسليمِ بسلاسة وهدوء، تزينها أجواء الفرح على وحدة الصف والموقف والكلمة الجامعة، لكان ذلك أجدى وأنفع وأرقى، ولرسمهما التاريخُ على صفحات المجْد والخلود. 

 

 

والآن نأمل منهما تدشين  المرحلةِ الجديدة بعقلية تنظيمية قائمةٍ على المصلحة الوطنية العليا بعيداً عن الشخصنة والصنمية، ويقيني فإنّ خطر المنتفعين وبعض المستشارين ومدّعي الولاء الطارئ أخطر عليهما من خصومهما. 

 

كما على قادة المرحلة الجديدة التركيز على الانفتاح  السني الشيعي والإسلامي المسيحي وعلى الخطاب الوحدوي الجامع بأبعاده الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، والعمل والرعاية تحت مظلة دار الفتوى، مع ضرورة التواصل مع كافة البيوتات السنية السياسية واحتوائها والمشاركة معها، بهدف تقاسم العمل المشترك  والتخفيف من النوازل والهزائم، حيث الإحباط واليأس عند أبناء الطائفة السنية وصلا إلى نقطة الصفر،حتى بدت تخرج منهما العوارض . 

 

 

فمسلمو لبنانَ  زاوية النهضة والعمران، ومن أركان النظام والاستقلال، ومعنيون بأمنه والحفاظ على وحدته الوطنية .


 
فالعائلات السياسية ترحل كما أتت، وهذه سنة التداول في الحياة، لكنّ الأوطان والأديان أزلية الوجود وليست مجردَ مرحلةٍ وتنطفئ شعلتُها وشمعتُها وسمعتُها مع مرور الزمن .