زيارة وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر الصباح إلى بيروت خطفت الإهتمامات من كل الملفات الأخرى، وأصبحت بقية الموضوعات، بما فيها الإنتخابات النيابية في المرتبة الثانية أو الثالثة، هذا إذا بقي مجال للحديث عن الإنتخابات بعد ، موعد إجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي من المفترض أن يقدم لبنان خلاله أجوبته على الرسالة التي نقلها الوزير الكويتي .

 


اهمية الرسالة الكويتية تكمن بكونها تحظى بتأييد عربي ودولي، أميركي وأوروبي، يمكن القول أن فحوى الرسالة العربية والدولية يُركز على إستعادة الدولة اللبنانية سلطاتها الشرعية والدستورية على جميع الأراضي اللبنانية، وفي مقدمة ذلك حصر السلاح بيد الشرعية، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وخاصة القرارين 1559 و 1680، والتي تنص على نزع سلاح الميليشيات، والمقصود هنا طبعاً سلاح حزب الله الجهة الوحيدة المحتفظة بسلاحها تحت عنوان «المقاومة الإسلامية ضد العدو الإسرائيلي .  

 


ليس من الصعب التكهن بفحوى الجواب اللبناني ، لن ينفع هذه المرة تكرار الجواب اللبناني التقليدي، ومفاده أن سلاح الحزب لم يعد قضية لبنانية داخلية بقدر ما أصبح مسألة إقليمية، بعدما أصبح إنتشار مسلحي الحزب جزءاً من الحروب والأزمات التي ترزح تحت ضغوطها أكثر من دولة عربية، من اليمن شرقاً إلى العراق وسوريا ولبنان غربا . 

 


السؤال الذي يشغل الأوساط اللبنانية منذ الآن ماذا لو أبلغ وزير الخارجية اللبناني زملاءه الوزراء العرب في الإجتماع المقرر في الكويت يوم ٢٩ الجاري، أن حكومته غير قادرة على تنفيذ القرارين 1559 و1680 ، وأن سلاح الحزب مسألة خارجية ولم تعد قضية داخلية .

 


لاشك أن مثل هذا الكلام ينزع الشرعية عن السلطة الرسمية، ويكشف عجز الدولة اللبنانية عن فرض سيطرتها على أراضيها، فضلاً عن إفتقاد القدرة على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأمر الذي يؤدي في المحصلة إلى تصنيف لبنان دولة فاشلة. 

 


التعاطي الجدي والحاسم مع التطور العربي والدولي الجديد في التعامل مع لبنان، يضع البلد أمام إحتمالين  إما التجاوب مع مضمون الرسالة ، بكل ما تتضمنه من تفاصيل ومندرجات، أو الإعلان عن عدم القدرة على تنفيذ البنود الواردة فيها. 

 


العالمون ببواطن الأمور يرجحون سلفاً أن ينحو لبنان نحو الخيار الثاني، رغم كل ما قد يحمله من مضاعفات سلبية على البلد، وما قد يسببه من إشتداد العزلة الحالية، وإسقاط فرص المساعدات الخارجية الملحة . 
مثل هذه الإحتمالات تحمل في طياتها بذور مواجهة مفتوحة ذات أبعاد إقليمية ودولية على الواقع اللبناني

 


ليس من الصعب ، على ضوء هذه الخلفيات والإحتمالات، التكهن بأن الفترة المقبلة ستكون حبلى بأحداث جسيمة، قد تزيد من معاناة اللبنانيين، وتضاعف من آلامهم اليومية عندما تشتد نيران جهنم حولهم، ويصل لهيبها إلى ما تبقى من مقومات الحياة في هذا البلد المنكوب . 

 


حزب الله من جهته سيكسر صمته بعد رد مجلس وزراء الخارجية العرب على إجابة لبنان الرسمي على المبادرة الكويتية. ومن المُرجح أن يكون تعليقه على هذه الورقة وما يستتبعها من إجابات وردود، على لسان الامين العام السيد حسن نصرالله.  

 


ان ما ينتظر السلطة في الأيام المقبلة قد يتسم بأهمية مفصلية وعلى جانب كبير من الدقة والخطورة في ظل هذه الاستحقاقات التي سيكون أولها وأكثرها حشرا للسلطة هو الجواب الرسمي الذي ينتظر ان يقدمه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب إلى نظيره الكويتي ردا على المذكرة الكويتية العربية الدولية، وسيكون على لبنان ان يقدم أجوبته على مسائل والتزامات بالغة الحساسية طالما اعتبرت السلطة متخاذلة امام سلطة الامر الواقع التي يجسدها حزب الله في ظل نفاد صبر خليجي ودولي من تورط الحزب قتاليا وعملانياً ولوجستيا واعلاميا في دعم الحوثيين في حرب اليمن. وبذلك فان الاستحقاق الأبرز والذي ستتجه الأنظار اليه هو أي أجوبة لبنانية ستقدم إلى الجانب الكويتي بوكالته عن المجموعات الخليجية والعربية والدولية في مسائل التزام لبنان النأي بالنفس وتطبيق القرارات الدولية .

 


ختاماً . لم تحقق السلطة المعتمدة على تقاطعات طائفية ومذهبية ، اي تقدم يذكر لبناء الدولة الحديثة  العادلة والمقتدرة والنظيفة، او أي تقدم على مستويات محاربة الضعف المتمادي، المتمثل بالانقسامات العمودية والافقية، كما والفقر والحرمان والفوضى والفساد، ما يعيد الحياة الى شرايين دورة الحياة السياسية والاقتصادية والحياتية والاجتماعية  وللحديث صلة .