دولة الرئيس سعد الحريري، منذ اغتيال والدك الشهيد الرئيس رفيق الحريري، ودخولك المعترك السياسي اللبناني، تحلّق حولك مستشارون ونوابَ ووزراء، ومحازبون ومناصرون وأتباع( بما فيهم المقاولون والمتعهدون)، ومعظمهم لم يترك باباً للفساد ونهب المال العام والاثراء غير المشروع، وصرف النفوذ وتكديس الثروات، إلاّ ولجوه وبرعوا فيه، ولعلّ أبرزهم كان وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، ومعه إبن عمّتك السيد نادر الحريري كمستشارٍ خاصٍّ لكم، وهو لم يترك محاصصة مع الوزير السابق جبران باسيل إلاّ وكان شريكاً فيها، وآخرها كانت صفقة العار، التي حملت الجنرال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، ثمّ رسمتَ أخاهُ أحمد الحريري أميناً عاماً لتيار المستقبل، وهو لا يفقه في السياسة ولا يعلم كُنهها، ولا يُحسن إدارة دكانٍ صغير، وهو عندما سُئل عن رأيه في انتخابات طرابلس الفرعية قال: حسب السوق نمشي، ولا حاجة لذكر متعهد الجمهورية اللبنانية الدائم جهاد العرب، الذي وصلت أصداء صفقاته الخيالية إلى مسامع وزارة الخزانة الأميركية، ففرضت عليه عقوبات مالية، وناهيك ذكراً برؤساء بلدية بيروت الذين فاقت سرقاتهم ومخالفاتهم كلّ خيال ومجال، أمّا من ظهرت عليه سماتُ النُبل والإستقامة كالوزير السابق أشرف ريفي، فقد سارعت إلى إقصائه، كما أقصيتَ ربما كلّ من سار على نهجه وسيرته.

 

اليوم ما علينا، ما كُتبَ قد كُتب، وعفا الله عن ما مضى، ما تزال وحدك وريث الحريرية السياسية بلا منازع،  ذلك أنّ أخاك السيد بهاء الحريري لم يُفلح في شيئٍ لانتزاع إرث أبيك منك، خاصةً عندما آثر سلوك شراء الإعلام، فكانت السّقطة الكبرى، حيث لم يخدم أحدٌ عبر صوت بيروت انترناشيونال حزبَ الله كما خدمه ماهر الحريري، وللمفارقة وهو يدّعي مواجهته ومحاربته، وحبذا لو يوقف هذه الألعاب-الأكاذيب، وللأسف الشديد، لم يتمكن أحدٌ حتى الآن من ملء الفراغ الذي تركه والدك في صفوف الطائفة السنّية الكريمة، فقد حالف الحظُّ السفيرين نواف سلام ومصطفى أديب، فلم يدخلا في متاهات المنظومة السياسية الفاسدة التي تحكم هذا البلد المنكوب، وما زال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبعد ما يكون عن اعتباره زعيماً "سنّياً"، فضلاً عن عدم أهليّته ليكون زعيماً وطنياً، يُحسبُ له حساب، وما زالت صورة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة باهتة وغير مؤهّلة لقيادة سُنّة لبنان، هذه الطائفة التي نأت بنفسها عن امتلاك ميليشيا خاصة بها بعد اندثار حركة المرابطون، وخروج حركة فتح وزعيمها ياسر عرفات من بيروت عام ١٩٨٢، لذا لم يبقَ في الميدان سوى حديدان، فإذا كُنت يا سيد سعد ممّن تزعم بأنّك على قدرٍ من الإستقامة والشفافية، وتزعم أنّك على خُلُق،( بالإذن من الفنان عادل إمام)، فضلاً عمّا يلزم من حسّ الوطنية والولاء للبنانَ عزيزٍ قويّ مستقل، فأقدِم على خوض الإستحقاق الإنتخابي القادم، لأنّه حاسمٌ وفاعل كما يأمل المواطنون، مع الأمل طبعاً، بأن تُحسن اختياراتك لمن يمكن أن يكون نائباً حُرّاً ونزيهاً لطائفته ولوطنه، وأن تُحسن اختياراتك في التحالفات الإنتخابية القادمة، بعد نزع الضغائن والأحقاد التي زرعها مستشاروك وبعض من كان وما زال في صفوف حاشيتك المُقرّبة، فهذا هو ميدان الصمود والمواجهة، لا زمن الخنوع والصمت والذّل، وكما قال الحجاج بن يوسف الثقفي:


هذا زمان الشّدّ..فاشتدّي زِيم.