عندما بعث الوزير الصاحب بن عباد وراء أبي حيان التوحيدي، قال له: بلغني أنّك تتأدّب، فأجاب أبو حيان: تأدُّب أهل الزمان، وبعد بيان حزب الله وحركة أمل، الذي آذن بالعودة إلى جلسات مجلس الوزراء، ها أنتم يا سادة يا كرام، تتأدّبون، وتصطنعون التواضع، وتُبدون الغيرة والحرص على مصالح البلاد والعباد، وعليه فلستم أسياد البلد كما ادّعيتم، ولستم الآمر الناهي بلا حسيبٍ أو رقيب، ومع ذلك، وبعد تعطيل عمل مجلس الوزراء لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية، عُدتم مع محاولة التّستّر على مخازيكم، عدتم لئلا تُتّهموا بالتعطيل، مع أنّكم عطّلتُم وبالغتم بالتعطيل، حتى بلغ شأواً عظيماً، وضرراً فادحاً، عدتم بعد أن عجز الجميع عن رسم فواحشكم، وبثّ فضائحكم، وبعدما تجرّع الناس مرارة الخيبة منكم بعد الآمال والوعود التي نثرتموها بعد الإنتخابات البرلمانية الأخيرة عام ٢٠١٨،

 

 

عُدتم وعلامات الإستفهام تتكاثر وتتعاظم، لماذا عاقبتم المواطن اللبناني الصابر المحتسب طوال ثلاثة أشهر متتالية؟ خاصةً من كان من صميم بيئتكم البائسة، هل طعن يوماً بقداسة "مقاومتكم"، أو رِفعة زعامتكم وتعاليها، ألم يكن مطواعاً وخادماً أميناً أمام صناديق الاقتراع لأكثر من ثلاثين عاماً، ألم يقف أمام قصوركم ومكاتبكم يتضرّع ويسترحم لتوظيف إبنه، أو معالجة مرض أمه أو زوجته، ألم تُقابلوا خنوعه باللّؤم والسّياط، ألم تسلبوه لقمة العيش الكريم وهناءة البال؟ بلى، هذا ما فعلتموه، وهذا ما اقترفتموه، ومع هذا وذاك، ها أنتم تستعدّون لسوقه مجدداً أمام صناديق الاقتراع، كي يُجدّد البيعة لكم، ويُظهر الطاعة العمياء، خوفاً من مقتكم وعقابكم، وطمعاً بالفُتات الذي قد يُلقى على موائدكم، أو حَبٍّ قد تنثرونه في بيادركم العامرة، وهذا مع الرجاء بأن تهبّ رياح المحادثات النووية الإيرانية-الأمريكية، كما تشتهي سفن اللبنانيين التّواقين إلى عودة بلدهم سيّداً حُرّاً مُستقلّاً.