في حين يتقدّم بهاء رفيق الحريري سياسياً ويمتد إعلامياً يتراجع سعد رفيق الحريري على كل المستويات بعد غموض مقصود من خوض التيّار الفاشل للإنتخابات النيابية في حال حصولها ويبدو أن ما بين الأخوين من قسمة ضيزى لم ترض الأخ الأكبر فقرر أن ينشط لبنانياً من موقع التصدّي لخصم المملكة مستنداً في ذلك على منطقة طرابلس دون غيرها تقديراً منه لتأجيل الخلاف العائلي القادم اذا ما قررالأخوان الترشح وخوض الإنتخابات النيابية في لائحتين متقابلتين باسم الحريرية السياسية .

 

حتى اللحظة تبدو أسهم بهاء الحريري هي أقوى من أسهم أخيه سعد داخل الطائفة السنيّة وداخل الفراغ غيرالمملوء من أيّ شخصية سنية وثمّة صعوبة لتجاوز ورثة الرئيس رفيق الحريري كما أن أسهم بهاء داخل بيت الملك السعودي متقدمة أيضاً على سعد المستبعد من السعودية بعد تراكم للخلافات القائمة ما بينه وبين ولي العهد محمد بن سلمان .

 


كما أن الحاجة الملحة داخل الطائفة السنيّة لقيادة جديدة تستبعد سعد الحريري ولا تنفيه موجودة ببهاء خاصة وأن ملامسته لأوضاع الطائفة لم تعد عن بُعد بل باتت متابعة بالمباشرة وهو يرصد بشكل واضح تفاعلات الوسط السني في ساحة المعارضة لا في ساحة السلطة لذا استلم خطاب الشعب واعتبر الثورة الحقيقة ستخوض معركتها مع الطبقة السياسية الفاسدة من خلال صناديق الإنتخابات كرهان منه على التغيير والتجديد واعتمد أيضاً المواقف المرتفعة وتبناها سواء من حزب الله أو من العهد .

 


لقد رفض حلفاء تيّار المستقبل التعاطي معه إنتخابياً وهذا ما يجعل سعد الحريري وسط قطيعة كاملة وثمّة انتحار لمن يدخل الإنتخابات دون تحالفات في حين أن بهاء الحريري قد اصطف داخل تيّارات المعارضة أيّ انه سيكون رأس حربة في مشروع مواجهة الطبقة السياسية مما يعني أن مروحة تحالفاته شاملة كل من يقف بوجة السلطة حتى أن القوى المعترضة على العهد بكل أحزابه تسعى جاهدة لملاقاة الحريري بهاء حيث يكون ويدعم سواء من خلال لوائح مشتركة أو من خلال تبادل الأصوات .

 


اذا دخل بهاء الحريري العمل السياسي من بوابة الإنتخابات النيابية فهو سيحقّق نتائج لن يستطيع تحقيقها الرئيس سعد الحريري جرّاء تجاربه المرّة والتي أفضت الى هزائم لا تعد ولا تحصى وهو قد صرف الرصيد الكامل للحريرية السياسية ببعديها الوطني و العربي وما عاد مُجدياً تكرار مثل هذه التجربة لذا لن تسعفه أصوات الناخبين في ظل مواقف منددة بسياساته التي أرهقت طائفة الأصوات وجعلت منها الحلقة الأضعف في تركيبة السلطة وزناً وتأثيراً .

 


الرهان على الحريرية السياسية مازال قائماً طالما أن الساحة خالية ولا إمكانية لإستبدالها بالفراغ وحضور الأخوين كمتنافسين سياسياً سيقسم منها كما قسمت الثروة عليهم وهذا ما سيؤثرعلى مناطق نفوذها بحيث ستكون الحريرية بكل حيثياتها بقيادتين واحدة هابطة و اخرى صاعدة إلاّ اذا تلافى الرئيس سعد الحريري ذلك من خلال النأي عن الإنتخابات وترك المجال مفتوحاً لغيره بعد أن خسر في السياسة كل رأس مالها .