مع الهجمة الجديدة لجائحة كورونا ،العالم للمرة الثانية على التوالي يبقى تحت سيطرة هجمات كورونا فالموجة الرابعة من الجائحة أسرع ولواخذت اسماً جديداً. وعلى الرغم من ذلك، فهذه الموجة، كما سابقاتها، أجبرت الحكومات على اتّخاذ تدابير جديدة من شأنها التأثير سلباً على اقتصادات دولها المتعَبة.

 


وفي بلدنا لبنان، إضافة إلى الجائحة التي ترتفع بشكل مخيف، نطوي واحداً من الأعوام التي سيذكرها التاريخ لموكبتها. أعوام الانهيارات. وامامنا صفحة عام جديد هو عام الاستحقاقات الانتخابية على وقع استمرار الانهيارات البنيوية. وعام التبدّلات في موازين القوى السياسية الداخلية في ظلّ التحوّلات السياسية الإقليمية .

 


سيطبع استحقاقان انتخابيان العام 2022، كما أصبح معروفاً: الانتخابات النيابية وانتخابات رئاسة الجمهورية. لكنّ الترقّب والارتباك سيّدا الموقف في الاستحقاقين. الترقّب لإمكان إجرائهما في مواعيدهما أو تأجيل أحدهما أو تأجيلهما. والارتباك حيال ما سينتج عنهما في حال احتُرِمَت المواعيد الدستورية.


موعد الانتخابات النيابية تمّ تحديده في 15 أيار بعد مدّ وجزر وشدّ حبال سياسي ودستوري. وقّع الرئيس "مُرغماً" مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. وأعطى بذلك إشارة الانطلاق لإعلان الترشيحات واللوائح الانتخابية. ومن المنتظر أن يفتتحها حزب القوات اللبنانية في الأيام القليلة المُقبلة. وأعطى المرسوم أيضاً الزخم لتسريع الاستعدادات الإدارية واللوجستية للانتخابات في لبنان والخارج. يرافق كلَّ ذلك ضغطٌ دولي غير مسبوق لإجراء الانتخابات في موعدها، وهيستكون محطّ أنظار العالم، وستُشرف عليها مؤسسات رقابية دولية

 


أهمية الانتخابات النيابية المقبلة في أنها ستعيد تكوين السلطة بعد حدثين داخليين كبيرين، وانه سيرافقها استحقاق إقليمي  دولي سيكون له تأثيره المباشر على لبنان

 

الحدث الداخلي الأول هو انتفاضة17 تشرين التي حاولت قلب الطاولة فوق رؤوس هذه السلطة. لم تنجح في الشارع. فقررت التوجه إلى صناديق الاقتراع. وها هي تستعد للانتخابات أملاً بتحقيق تغيير السلطة من داخل النظام. أهمية 17 تشرين ليس في أنها ستحوز على مقاعد في المجلس النيابي الجديد تقلب المعادلة، إنما في تأثيرها على موازين القوى بين الأطراف السياسية. لعل المثال الابرزتأثيرها على التيار الوطني الحر بسبب استهدافها جبران باسيل بشكل أساسي ومباشر، وسوء تعامل الرئيس عون معها، وتأثيرها، ولو بشكل غير مباشر، على تيار المستقبل وشعبيّته وحضوره السياسي بعد خروج رئيسه من السلطة، أوّلاً باستقالة حكومته بعد 17 تشرين، وثانياً بعرقلته تشكيل حكومة جديدة في العام المنصرم . 

 


 الحدث الثاني  على المستوى الداخلي يكمن في سلسلة الانهيارات في الواقع اللبناني المستمرة في العام 2022. وللمجلس النيابي الجديد سيكون له دور أساسي ومحوري في إعادة بناء النظام السياسي والاقتصادي والنقدي والمالي السؤال الاساس اليوم هل إعادة البناء ستكون تحت سقف اتفاق الطائف أم ستكون من خلال دستور جديد ينتُج عن مؤتمر تأسيسي يدفع باتجاهه حزب الله منذ ما قبل الانهيار.

 

أما الحدث الإقليمي الذي سيواكب الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، وبعدها الرئاسية، فهو ما ستفضي إلية  المفاوضات في فيينا بين إيران والولايات المتحدة ، إما بإعادة إحياء الاتفاق النووي القديم، أو بصياغة اتفاق جديد، أو بعدم الاتفاق وتشديد العقوبات على إيران واستمرارها في تخصيب اليورانيوم مع أن هذا الاحتمال ربما أصبح مستبعد مع تقدم المفاوضات. في كل الحالات ما يحدث في فيينا سيكون له تأثير على الواقع اللبناني لأن حزب الله هو الذراع الإيرانية الأساسية في المنطقة. وموقع لبنان على شرق المتوسط وعلى حدود إسرائيل يشكل أهمية استراتيجية للنظام في طهران. فرفع العقوبات عن إيران، أو تخفيفها، بعد توقيع الاتفاق الموعود، سيريحها ماليّاً سامحاً لها بإعادة تمويل حزب الله المأزوم. وهذا من شأنه تمكين سيطرته أكثر فأكثر على لبنان المنهار. وإذا ما افترقت الأطراف في فيينا على لا اتفاق وهذا مستبعد كما ذكرنا فالصراع الإقليمي سيحتدم أكثر فأكثر. وسيستمر  لبنان إحدى ساحاته الأساسية. وهو ما يعني استمرار الانهيارات وتأخير الحلول لها .

 


السؤال الاكثر الحاحاً هو هل ستحصل الانتخابات في موعدها .


على الرغم من تحديد موعد الانتخابات النيابية وتوقع انطلاق الترشيحات وتسريع الاستعدادات الإدارية، يبقى إجراؤها موضع شكّ وتساؤل هل تجري هذه الانتخابات في موعدها؟ أم سيطيرها حزب الله؟ وإذا ما صحت الفرضية الثانية، هل سيمدد المجلس النيابي الحالي ولايته ومَن مِن الأطراف السياسية سيتحمل تبِعات التمديد للمجلس الحالي محلياً وخارجياً؟ وفي حال التمديد للمجلس هل ستكر سُبحة استقالات النواب منه؟ وإذا لم يُمدد المجلس ولايته ولم تجرِ الانتخابات في موعدها، من يتحمل مسؤولية الفراغ في المؤسسة الأم دستورياً، خصوصا انه سيتبعها بعد ذلك انتخابات رئاسة الجمهورية، وهل نعود من جديد إلى الفر

اغ في رئاسة الجمهورية، وفي هذه الحال من يتولى السلطة في البلاد، حكومة تصريف الأعمال أم يصبح أمراً واقعاً الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي لإعادة تكوين السلطة، إلى ما هنالك من أسئلة يطرحها أصحاب الاختصاص
يستبعد بعض السياسيين والمتابعين تأجيل الانتخابات النيابية بسبب ضغط الرأي العام المحلي والخارجي 

ويسألون من يتحمّل مسؤولية تأجيلها أمام رأي عام محلّي يطالب بانتخابات نيابية مبكرة منذ 17 تشرين الأول 2019، ومن مِن الأطراف يتحمل تبعات تأجيلها في وقت يطالب المجتمع الدولي بإجرائها تحت تهديد عقوبات المجتمع الدولي، ضد المعطِّلين. 

 


على الرغم من هذه المعطيات الاساسية، المفترض عدم استبعاد إمكانية تعطيل إجراء الانتخابات من قِبل الفريق الوحيد القادر على التعطيل. لكن لماذا تعطيل الانتخابات. 

 


هل هو الخوف من خسارة الاكثرية النيابية وذلك بسبب تراجع شعبية حليفه التيار الوطني الحر ام للذهاب بعيداً في اطار فرض مؤتمر تأسيسي يسعى من خلاله اعادة تكوين السلطة من خلال فائض القوة محاولاً فرض سيطرته على البلاد ومفضلاً عدم الركون الى اعادة تكوين السلطة في انتخابات نيابية كل المؤشرات حتى الان تشير الى اختمال كبير لجهة خسارته الاكثرية النيابية .

 


لربما هذه الهواجس والفرضيات وراء الخوف والقلق من عدم الوصول الى اجراء الانتخابات في موعدها وللحديث صلة .