لا ينفكّ السيد محمد عبيد( الذي حملتهُ حركة أمل ورئيسها نبيه بري لشغل منصب المديرية العامة للإعلام أواخر القرن العشرين) عن إطلاق حملات تحميل الفساد، وهدر المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات في لبنان للرئيس نبيه بري و"حركته"، وذلك ربما لتقاعس بري عن حمايته من حملة التطهير التي قادتها حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري، في أيلول عام ٢٠٠٩، والتي طالتهُ فيمن طالت من المسؤولين الذين اتُّهموا بالفساد ونهب المال العام، وما لبث أن عاد السيد عبيد إلى بوتقة العمل السياسي "الدَّعوي" في لبنان عبر توثيق العلاقة مع حزب الله، باعتباره حزباً ريادياً طليعيّاً، لا يعتريه فسادٌ أو خللٌ أو اضطرابٌ أو نكوص، فضلاً عن قيامه بفضيلة الجهاد والمقاومة ضدّ الإحتلال الإسرائيلي، ولا يبقى من "نقائص" هذا الحزب سوى توثيق عُرى تحالفه مع حركة أمل ورئيسها نبيه بري. 

 


في الآونة الأخيرة.. وبعد احتدام المعركة القضائية التي يخوضها الثنائي الشيعي في سبيل "قبع" القاضي طارق البيطار، وتعطُّل عقد جلسات مجلس الوزراء، واستفحال الوضع المالي والنقدي والإقتصادي والإجتماعي تدهوراً ومأساوية، رفع صهر الرئيس عون الوزير جبران باسيل مطلب فكّ عُرى تحالف الثنائية الشيعية، كخيارٍ وحيد أمام حزب الله لتجديد التفاهم والبيعة مع تيار الجنرال عون، وذلك للحفاظ(حسب منطق وفهم باسيل) على ما تبقّى من الدولة اللبنانية المتهالكة ومؤسساتها، واضعاً مختلف قضايا الفساد ونهب المال العام وإعاقة الإصلاحات السياسية والإدارية والمالية، ووضعها موضع التنفيذ، في عهدة "بري" كلمة واحدة من ثلاثة أحرُف.

 


اليوم وعلى منوال باسيل يغزل محمد عبيد مقالته في جريدة نداء الوطن، داعياً حزب الله إلى تطهير صفوفه من الذين أفسدتهم السلطة والمال والنفوذ، وإلى أن يتنبّه قادةُ الحزب للخللّ الفاضح في تحالفاتهم الداخلية، وبالأخص منها التحالف مع بري( الفاسد الأبرز في منطق عبيد)، وان يضع هؤلاء القادة في حساباتهم أنّ مصائب لبنان ليست وقفاً على الحصار الأميركي( والتي لا يُنكرها عبيد)، وإنّما على تخاذل قادة الحزب في رفع الصوت ضدّ الفاسدين الذين يُفاقمون "العدوان" الصهيوني والأميركي ويُعاضدونه، ورغم تحذيرات وتنبيهات عبيد لهم في أكثر من مقال أو مجال، إلاّ أنّهم كانوا يؤثرون ويُقدّمون وحدة الطائفة الشيعية "الموهومة"، وعدم فتح معارك "جانبية" مع "حلفاء"، هم في نهاية الأمر يتغاضون عن ممارسات الحزب "الجهادية" على مهمة بناء الدولة ومؤسساتها، والتي لا يستقيم شيئٌ في حال غيابها وزوالها.

 


الغائب البارز في "انتفاضة" محمد عبيد، إغفالُه أنّ سياسة حزب الله الدائمة وربما "الخالدة" هي قضم الدولة اللبنانية المركزية، لصالح "دُويلة" حزب الله التي تعاضمت حتى أصبحت "دولة" ذات حولٍ وطَول، وذلك بفضل الحلفاء( وفي مقدمهم بري والتيار الوطني الحر)، ولا ننسى دور الأصوات والأقلام المأجورة، وفي عدادها قلم محمد عبيد.